الى اصحاب الدعوة لغداء تكريمي في بلدة الطيري في ٢٩ كانون الاول الجاري :
امحو ا جميع الصور ما عدا صورة المسيح وأمه مريم عليهما السلام .
برغم البادرة السمحاء الصادرة عن نبي المسلمين حيال الرموز الروحية المسيحية ، في بدء رسالته ، وفقا لكتب الاحاديث الشريفة ، وجد في أيامنا من يغير هذه القاعدة غير عابئ لفارق الظروف والأحوال ولا للتقاليد الإسلامية عينها ، ما يدعو الى العجب والتساؤل :
هل بلغت ثقافة التعايش عندنا هذا الحد من الجهل او التجاهل حيال الرموز المشتركة او الخاصة ؟ يفترض بالدعوة التي وجهها "حزب الله" الى عدد من ابناء البلدات المسيحية في منطقة بنت جبيل للمشاركة في غداء تكريمي في مناسبة عيد ميلاد السيد المسيح ، ان تصدر عن دراية و حسن نية من قبل أصحابها ، لا سيما وان المناسبة هي للمعايدة وتحت شعار الإخاء في المواطنية ؟
ولكن تصوير وجه المسيح مطموسا باللون الابيض ، كما ظهر على بطاقة الدعوة يبدو متناقضا مع روحية المناسبة التي يفترض أنها لا ترمي في الاصل الا الى توطيد اواصر الالفة والمحبة الصادقة بين ابناء المنطقة الواحدة . لقد ظهر تصميم البطاقة وكانه عمل لا يخلو من بعض الالتباس . إذ ان الصيغة التي وضعت فيها البطاقة ( طمس وجه المسيح في الصورة ) تطرح أكثر من سؤال لدى المدعوين ، مسلمين ومسيحيين على حد سواء ، في وقت هم على تعدد طوائفهم ومشاربهم الروحية أحوج ما يكونون الى احترام شعائر ومشاعر بعضم البعض.
انظر الصورة المطبوعة على البطاقة :
الى اي مبدا ديني او فني استند اصحاب الدعوة ليعمدوا الى مثل هذا التشويه ؟ فاذا كان من غير المسموح به تصوير وجه نبي الاسلام فان الامر مختلف في الثقافة المسيحية حيث تحتل الصورة والايقونة مركزا اساسيا من التكريم في الحياة اليومية وطقوس العبادة . لا يخلو التاريخ الاسلامي عينه من شواهد تؤكد على احترام رسم السيد المسيح وتحافظ عليه . اليكم هذه الرواية التي اباح فيها نبي المسلمين الابقاء على صورة المسيح وأمه ، فكيف لا يسمح بالإبقاء عليها مواطنون لنا حاليون يحتفلون بالأخاء والتعايش الكريم ؟ :
"روى المؤرخ العربي المعروف بألازرقي ان النبي (محمد) أمر بطمس الصور التي كانت تتزين بها جدران الكعبة . فطمست.. غير انه وضع كفيه على صورة عيسى ابن مريم وامه عليهما السلام فوق جدار الكعبة وقال : امحوا جميع الصور الا ما تحت يدي. فرفع يديه عن صورة عيسى ابن مريم وامه) (الازرقي: اخبار مكة 1: 104) .
" وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَغَيْرِهِ : فَلَمَّا " كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَيْتِ , فَأَمَرَ بِثَوْبٍ فَبُلَّ بِمَاءٍ وَأَمَرَ بِطَمْسِ تِلْكَ الصُّوَرِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى وَأُمِّهِ , وَقَالَ : " امْحُوا الْجَمِيعَ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي " ، رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ"
متى يدرك اصحاب الدعوات الالهية و الشركاء في الوطن اهمية الفصل بين ما هو لقيصر وما هو لله ، فيميزوا بحكمة وذكاء بين الغث والثمين في الفن والتقاليد فيحترم كل فريق ما لدى الآخر من رموز ، منعا لخروج المناسبات التكريمية والمعايدات المتبادلة عن أهدافها الحقيقية ، ليتم الاحتفال بها في اطار صحيح من الشفافية والندية والتبادلية على كل صعيد ؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.