في الثاني من شهر أيلول 2015، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهريّ في الكرسي البطريركي فيالديمان، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي الكلِّي الطوبى، ومشاركة الرؤساء العامّين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونًا كنسيّةً ووطنيّة. وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. افتتح الآباءُ اجتماعهم برفع الصلاة لراحة نفسَي المثلَّثَي الرحمة المطرانَين جورج أبي صابر، راعي أبرشية كندا سابقًا، ومارون صادر، راعي أبرشية صور سابقًا، اللَّذَين عادا الى بيت الآب بعد حياةٍ زاخرةٍ بالجهاد والتضحية، والعمل الدؤوب في خدمة الكنيسة، وممارسة رسالتها في التعليمِ والتقديس والتدبير. وهم يتقدّمون من أبرشيّتَيهما ومن ذويهما بالتعازي القلبيّة، سائلين الله أن ينيلَهما جزاءَ الخدّام الأمناء، والرعاة الصالحين.
2. انطلاقًا من رسالة قداسة البابا فرنسيس عن البيئة وإعلانِه عن إنشاء اليوم العالمي للصلاة من أجل العناية بالخليقة في الأوّل من ايلول، وتوصيته باتّخاذ مبادرات للحفاظ على الأرض "بيتنا المشترك"، ونظرًا إلى خطورة الأزمة البيئية التي يواجهها لبنان، وإلى المسؤولية التي تتحمّلها الكنيسة في هذا المجال، أنشأ الآباء لجنة بطريركية للبيئة مؤلّفة من السادة المطارنة: منير خيرالله رئيسًا، وبولس صيّاح وكميل زيدان أعضاء، تعمل بالتعاون مع خبراء، على وضع استراتيجية للعناية بالخليقة في ضوء تعاليم الكنيسة، وبخاصّة رسالة البابا فرنسيس والمجمع البطريركي الماروني.
3. تقلقُ الآباءَ حالُ التأزّم التي تجتاح البلاد، وهي تنذر بمستقبل قاتمٍ، وتشير إلى مستوى العجز السياسي الذي يضرِبُ عميقًا في الإرادة السياسيّة لدى المسؤولين، جرّاءَ الارتهان الضيِّق للخيارات المحدودةِ الأفق. فلا يمكنُ الخروجُ منها إلا بتوبةٍ سياسيّة صادقة، تَقُرّ بالدرجة الأولى بأنّ السبب الأساسي للإنحدار الحاصل، يكمنُ في غياب رأسٍ ناظمٍ للدولة، ومحاولة بعض المسؤولين استغلالَ هذا الغياب، لفرض نفسه على أنّه البديلُ الشَّرعي عن الرأس. إنَّ الأباء يطالبون الجماعةَ السياسية بالكفِّ عن التلاعب بمصير البلاد، والذهابِ إلى فراغ دستوري كامل، لا يخطُر على بالِ أحد مقدارُ نتائجه الوخيمة.
4. يذكّر الآباءُ بأن لا أحدَ أكبرُ من لبنان، ولا يحقّ لأحد أو لمجموعة إخضاع مصير البلاد لمصالح شخصية أو فئوية أو مذهبية أو إقليمية. فلبنانُ محكومٌ بإرادة شعبه وبدستوره وميثاقه وصيغته. لذلك يطلب الآباء من الجميع إعلان ولائهم لهذا الوطن الذي أعطاهم هُويةً وكرامةً ومقدَّرات، والذي يستعدُّ على يد المخلصين له للاحتفال بعد خمس سنوات بالمئويةِ الأولى لإعلانه دولةً مستقلَّة. ويذكّرون بإسهام البطريركية للخروج من الأزمات التي يتخبّط فيها لبنان، من خلال الوثائق التي أصدرتها وهي: "شرعة العمل السياسي" (2009) و"الوثيقة الوطنية" (9 شباط 2014) و"الوثيقة الاقتصادية" (25 أذار 2015)، ويدعون الهيئات السياسية والاقتصادية للرجوع إليها.
 5. إنَّ أثمنَ هبة من الله وعطيةٍ حباها التاريخُ للبنان وارتضاها أبناؤه، هي الحرية التي يصونها الدستور، وتضمنها الشرائعُ الدولية. وإذ يأسف الآباء للعنف الذي استُعمِل في قمع التعبير عن الرأي، في مسائلَ حيوية تمَسُّ كلَّ مواطنٍ لبناني واعٍ لخير المجتمع ولخيره الخاصّ، ولا سيّما مسألة النظافة العامة، يدينون في الوقت عينه اندساسَ مجموعاتٍ بين المتظاهرين شوّهت أهدافَهم الوطنية المُحقّة، كما يستنكرون العنف الذي مارسوه على رجال الأمن. ويهيبون بالوسائل الإعلامية توخّي الموضوعية والعملَ على تهدئة الخواطر، ويناشدون السلطات مسك الأمن بعيدًا عن الصراعات السياسية.
6. يدعو الآباء جميع ابنائهم وبناتهم إلى المشاركة في قداس يومي عند الساعة السادسة مساءً في معبد سيدة لبنان، وعبر إذاعة صوت المحبة وتلفزيون المحبة، يصلّون خلاله لأجل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وتفعيل المؤسسات الدستورية، وإحلال السلام في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا، وعودة جميع المخطوفين والنازحين واللاجئين إلى بيوتهم وأراضيهم.
7. في الرابع عشر من شهر أيلول تحتفل الكنيسة بذكرى ارتفاع الصليب المقدّس، الذي منه تُستَمدُّ قوةُ الرجاء الذي لا يخيِّب. والكنيسةُ تنظر إلى الصليب كمرءاةٍ تنكشف أمامها حقيقةُ التاريخ والإنسان والمجتمع. وهي تطلب من السيد المسيح الذي حوّل لعنة الصليب حياة، أن يحوّل حياتنا بركة، وتاريخَنا زمن رضى، ومجتمعَنا مجالاً لانتصار الحقيقة، بشفاعة السيدة العذراء التي تعيّد الكنيسة مولدها في الثامن من هذا الشهر