كتب بيار عطاالله:
ما أضيق العيش في لبنان لولا فسحة الامل. فعلى رغم الازمات المتتالية المتعاقبة التي يرزح تحت ثقلها اللبنانيون وقصور مؤسسات الدولة المستقيلة عن التعاطي معها بفاعلية او في شكل متوازن، هناك من لا يزال يفكر في العمل الاجتماعي التطوعي من اجل اصلاح الامور ومواجهة ما يجري خصوصاً على الصعيد المسيحي. وفي هذا السياق، تبرز جملة تحديات تبدأ بالهجرة من الريف الى المدينة واهمال مناطق الاطراف وتنتهي مأسوياً ببيع الاراضي والبيوت والعقارات والتخلي تدرجاً عن الهوية والانتماء تمهيداً للانتقال الى منطقة اخرى ذات اكثرية مسيحية ومنها ربما الى خارج لبنان في نزوح نهائي لا عودة بعده.
هذه التحديات والهواجس كانت السبب الذي دفع مجموعة من المهتمين الى تأليف جمعية اطلقوا عليها اسم "مركزية مسيحيي المشرق"، على امل تحصين الحضور المسيحي في لبنان وحمايته وتعزيزه بمختلف الوسائل، وقد بدأت خطواتها، وتجلت
في سلسلة من النشاطات الميدانية، امتدت من البقاع الى الجنوب بهدف "دعم مسيحيي الاطراف وتعزيز صمودهم في ارضهم"، اضافة الى الاهتمام بمسألة "الشخصية المسيحية المشرقية ومساندة المسيحيين في الشرق الاوسط بالطرق المتاحة". ويقول احد العارفين في شؤون الجمعية، انها محاولة ديناميكية جدية لتأليف هيئة مسيحية قادرة على المساعدة ومد يد العون للمسيحيين الذين يعانون الاهمال الرسمي وتخلي مؤسسات القطاعين العام والخاص والكنيسة عنهم. ويضيف، ان الاعضاء المؤسسين للجمعية من افضل الشخصيات المسيحية التي تعي تماماً عمق المشكلات التي يتعرض لها المسيحيون وسبل التعاطي معها، ويشير الى ان الجمعية نجحت في فهم المعاناة التي تواجه مناطق مسيحية عدة في لبنان وقدمت لها مساعدات قيمة، لكن المعنيين لم يتمكنوا من التعاطي بفاعلية مع مشكلات مسيحيي المشرق، وخصوصاً اولئك الذي ينتقلون الى لبنان طلباً للامان والملجأ فيقعون تحت رحمة القوانين اللبنانية القاسية وممارسات المؤسسات اللبنانية التي تهينهم وتضغط عليهم، وهذا ما يوجب على كل المعنيين بقضية مسيحيي المشرق العمل على معالجته. المقدسي: أديت واجبي جملة الامور او الملاحظات السالفة يعتبرها اعضاء الجمعية غير ذي اهمية. فالمقدسي ينفي وجود اي خلاف مع زملائه السابقين في الجمعية، ويقول: "كان لي الشرف ان اكون من بين الاعضاء المؤسسين، حيث تعاونا جميعاً بصدق وصمت على العمل لمصلحة المسيحيين وبقائهم في مناطقهم". ويشرح المقدسي انه انتخب رئيساً لمجلس الامناء لمدة سنتين وسيمون خوري منسقاً عاماً، وانهما عملا معاً على الكثير من الملفات. ويؤكد انه حرص على ابعاد السياسة عن عمل الجمعية كلياً تحت عنوان دعم الوجود المسيحي. ويوضح المقدسي رداً على اتهام الجمعية بالانحياز، "ان جميع الاطراف المسيحيين ممثلون في الجمعية العامة والهيئة الادارية، ويشير بالاسم الى هؤلاء. اما الاعمال التي انجزتها "مركزية مسيحيي المشرق" في ظل رئاسته وبدعم منه، فشملت: مساعدات مدرسية للطلاب (426 طالباً)، انشاء برك اصطناعية لجمع مياه الشتاء في 14 بلدة، اضافة الى توزيع 74 الف غرسة شجرة مثمرة على المزارعين والقرويين لتشجيعهم على استصلاح اراضيهم والاستثمار فيها. لكن اهم ما انجزه على ما يقول، كان تأمين نقل الطلاب الجامعيين من القرى والبلدات المسيحية الى جامعاتهم في زحلة بالتعاون مع مطرانية بعلبك ودير الاحمر المارونية، وذلك بهدف الحد من النزوح من الارياف الى المدن. ويفخر المقدسي بالمشروع الذي افتتح في جامعة الروح القدس-الكسليك في رميش ويتمثل في المجمع المعلوماتي او "سيليكون هيل"، وهو مجمع خدمات معلوماتية متخصصة بالبرمجة. لبكي وخوري: الجمعية مستمرة عضو مجلس الامناء الدكتور بطرس لبكي نفى ارتباط "المركزية" بأي طرف سياسي، ويؤكد ان الجمعية مستمرة في عملها على رغم انسحاب المقدسي "الذي نكن له كل الاحترام والتقدير". ويقول: "لسنا محسوبين على اي طرف سياسي او طائفي، والجميع ممثلون، وهدفنا كان ولا يزال تثبيت المسيحيين في الشرق على الصمود في ارضهم". اما منسق امانة سر الجمعية سيمون خوري، فيؤكد بدوره عمق العلاقة مع المقدسي، ويعتبر انه "صاحب فضل كبير لا ينسى على الجمعية، ولولاه لما تمكنت "المركزية" من الانطلاق وانجاز اعمال كثيرة ومهمة جداً في مختلف مناطق الاطراف". ويشير خوري الى ان مكتب الجمعية الحالي في سن الفيل، هو ملك للمقدسي. |
Annahar 15-1-2011