"المسيحية في سوريا" للأرشمندريت أغناطيوس ديك
صدر للارشمندريت أغناطيوس ديك، عن مطبعة الاحسان بحلب المجلد الثالث لكتاب "المسيحية في سوريا... تاريخ وإشعاع". حيث يتناول تاريخ المسيحية في العصر الحديث من الفتح العثماني الى مطلع الألفية الثالثة.
وهذه لمحة عن الكتاب بقلم مؤلفه تصدّر الكتاب:
"المسيحية ليست دخيلة على سوريا.
فسوريا مهد المسيحية، منها انطلقت وأشعّت على العالم.
في دراستنا "المسيحية في سوريا تاريخ وإشعاع" تناولنا في المجلد الاول العصر القديم من نشأة المسيحية، الى الفتح العربي حيث كانت المسيحية في نمو وأصبحت دين الدولة وأعطت الألوف من الشهداء والرهبان والمعلمين ولعبت دوراً رئيسياً في حياة الكنيسة الجامعة".
وتناولنا في المجلد الثاني العصر الوسيط من الفتح العربي حتى الفتح العثماني. لم تعد المسيحية الديانة الرسمية للدولة ولم تعد ديانة الاكثرية وفقدت دورها الرائد في المسيحية العالمية، وإن كانت ما زالت في القرنين الاولين من الفتح العربي تحتفظ بإشعاعها وحيويتها. وتأقلم المسيحيون مع وضعهم الجديد إذ أصبحوا في "ذمة" المسلمين أي في حمايتهم. وساهموا في ازدهار الحضارة العربية الاسلامية وأخذت الكنيسة وجهها العربي واصبحت سوريا نموذجاً للتعايش المسيحي الاسلامي رغم النكسات التي مرّت بها في بعض العصور المظلمة. وفي القرون الاخيرة من هذه الحقبة اصبح المسيحيون اقلية مهمشة بعد أن فقدوا أهم أديرتهم ومراكزهم الثقافية. وظل وضعهم في تدنٍّ وانحدار حتى اصبح جلّ اهتمام الرؤساء الحفاظ على البقاء.
في المجلّد الثالث نتناول العصر الحديث، من الفتح العثماني حتى مطلع الالفية الثالثة. حدث تحوّل بطيء في أوضاع المسيحيين وتحسنت أحوالهم الى أن اصبحوا مواطنين يتمتعون مبدئياً بكامل الحقوق المواطنية. وكان للمسيحيين دور رائد في انفتاح البلاد على الحداثة وفي النهضة الادبية والفكرية.
لم يكن الدخول تحت الحكم العثماني بحد ذاته انفتاحا على الحداثة، وظل المسيحيون يعاملون كذميين ويقاسون من ظلم الحكام. ولم تبدأ الاصلاحات في الامبراطورية العثمانية إلا مع القرن التاسع عشر.
بيد ان الفتح العثماني يتزامن مع بدء النهضة الادبية والفنية والعلمية في اوروبا الغربية وبدء العصر الحديث. ولما كان العثمانيون دخلوا في اتفاقيات تجارية وسياسية مع الغرب، اصبح للغرب وجود في المنطقة من خلال الدبلوماسيين والتجار والمرسلين، وكان المسيحيون حلقة الوصل بينهم وبين اهل البلاد وانفتح هكذا المسيحيون قبل غيرهم على الحداثة الغربية كما تمكن العديد من المسيحيين السوريين من الدراسة في الجامعات الغربية كما تعاملوا تجاريا مع الغرب.
وكانت حملة ابراهيم باشا المصري بن محمد التي ادخل فيها الافكار العصرية والمساواة بين جميع المواطنين وفق المنهج الذي قام عليه محمد علي في مصر متأثرا بالمثال الفرنسي الذي تركه بونابرت في مصر.
وبعد تراجع القوة العسكرية للامبراطورية العثمانية والتفوق الذي وصل اليه الغرب وانتشار افكار الثورة الفرنسية التي اثرت على شعوب البلقان فطالبت التحرر من الحكم العثماني، اضطرت السلطات العثمانية الى اجراء عدة اصلاحات عسكرية وادارية وحقوقية رغم معارضة المحافظين. واصدر السلطان عبد المجيد خط شريف كلخانة (3 تشرين الثاني 1839) ثم الخطي همايون" (18 شباط 1856) وكانت قمة الاصلاحات الدستور الذي أُعلن في آخر عام 1876 بهمة الصدر الاعظم مدحت باشا.
فتمثل المسيحيون في "مجلس المبعوثان" في اسطنبول. واعفوا من الجزية والخراج اذ الغي نظام الذمة الا انهم اضطروا لدفع البدل مقابل اعفائهم من الخدمة العسكرية الى ان اخضعوا لها عام 1910.
وفي العهد العثماني برز الكيان اللبناني الذي حظي باستقلال داخلي في اطار الدولة العثمانية ونعم فيه المسيحيون بوضع خاص جعلهم في قدم المساواة مع سائر المواطنين.
وألغى السلطان عبد الحميد النظام الدستوري الذي وضع عام 1875 واعاد الحكم المطلق والنظام البوليسي المتشدد. فقامت حركات تنادي بالحرية. وقامت جماعة الاصلاح والترقي (تركيا الفتاة) بالاطاحة بحكم السلطان عبد الحميد واعادوا الدستور عام 1908 وتبين انهم ينادون بتفوق العنصر التركي وتجاهلوا العرب العائشين في ظل الدولة العثمانية واهملوا الثقافة العربية. فقامت جماعات عربية تنادي بالحكم الذاتي ثم بالاستقلال التام، وكان من بينهم عدد كبير من المسيحيين رفعوا راية القومية العربية التي تتجاوز المسيحية والاسلام. واثناء الحرب العالمية الاولى قامت الثورة العربية بزعامة الشريف حسين وايدت الحلفاء ضد الدولة العثمانية. وعقب استسلام العثمانيين في تشرين الاول 1918 تحررت البلاد العربية من الحكم العثماني وقامت الدولة العربية بدمشق. الا انه نظرا لمقررات مؤتمر سان ريمو قسمت بلاد الشام ووضعت تحت الانتداب البريطاني والفرنسي وظهرت الدول الحديثة، سورية ولبنان والاردن وفلسطين وقسمت فلسطين عام 1948 اذ برز الكيان الصهيوني.
وناضل المسيحيون مع سائر المواطنين في سبيل الاستقلال وساهموا في حياة البلاد ورقيها وفي الثلث الاخير من القرن العشرين عانى المسيحيون من آفة الهجرة وفقدوا المكاسب الديموغرافية التي نعموا بها في الحقبة العثمانية واصبحت نسبتهم تضاهي ما كانت عليه في مطلع العهد العثماني فضعف تأثيرهم العام في المجتمع". annahar 3-9-2009
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.