يعيش المسيحيون اللبنانيون، علاوة على تناقضاتهم الداخلية، حال ضياع وارتباك تجاه مصير النظام السوري الحالي، خصوصاً في ضوء تجربتي مسيحيي العراق ومصر الذين لم تنفعهم ديموقراطية في الأولى، ولا ثورة اسقاط النظام في الثانية.
واذا كان مسيحيو المعارضة السابقة، الأكثرية حالياً، يدينون في معظمهم لدمشق بدوام العز ردحاً من الزمن، فإن مسيحيي 14 آذار باتوا حائرين في موقفهم من قلب النظام أو عدمه، خصوصاً انه نظام أقلية بات يشبههم الى حد كبير.
ولابد من الإضاءة على التناقض، في الشعور وفي الحسابات، لدى كل طرف من الفريقين الكبيرين في لبنان، اللذين يعانيان عقدة ازدواجية المشاعر:
فمسيحيو 8 آذار، شأنهم شأن كل مكونات هذه القوى، قلقون من سقوط النظام السوري، اذ يرتبط استمراره بامتيازاتهم وبعودتهم الى السلطة وبالانتخابات النيابية المقبلة، وهم في الوقت عينه يخجلون من التعبير عن سرور خفيّ لما حلّ ببعض مسؤولي النظام وللعقوبات التي طالت أمنيين عملوا على إذلالهم سابقاً، وكثيرون منا يتذكرّون كيف عوقب مسؤولون لأنهم لم يلبّوا طلبات عنجر على الوجه الأكمل.
هؤلاء يرون في دواخلهم ان في استمرار النظام في دمشق سنداً لهم، ولكن من دون المضي في غطرسته التي انتهكت كراماتهم مراراً وتكراراً، وتلاعبت بهم الى حد تحويل بعضهم أضحوكة.
أما مسيحيو 14 آذار، فعلى "حقدهم" على سوريا ونظامها، ومحاولتهم السابقة للتمييز ما بين النظام والشعب، لتحريض الناس على السلطة، فإنهم اليوم يراقبون ما يجري في مصر من احراق للكنائس وتعدٍّ على المسيحيين الأقباط، وينتابهم القلق مما حصل في العراق، وهم يسمعون ترداد أصوليين اسلاميين سوريين عبارة "العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت"، لذا باتوا يتخوفون من سقوط النظام وقيام آخر متشدد يهجر ما تبقى من مسيحيي الشرق، وباتوا يتمنون لو "تنكسر شوكة النظام الأقلوي" من دون ان ينهار تماماً.
ان ما حصل في مصر في الأيام القليلة الأخيرة أيقظ مشاعر الخوف الدفينة لدى المسيحيين على تعددهم وتنوعهم، وربما ساعد النظام السوري في اطلالته على المجتمع الدولي الذي صار ينظر الى منطقة ما بين خيارين كلاهما مرّ: اما دعم بعض أنظمة قائمة ولو دكتاتورية شرط قيامها بإصلاحات، أو ترك الساحة لمجموعات أصولية متشددة، ربما تقوم بمجازر جماعية في غير مكان، أو ربما تقود الى حروب أهلية تتفلت معها الأمور في المحور المحيط بإسرائيل الإبنة المدللة للأسرة الدولية، وهي قد لا تكتفي باضطهاد المسيحيين بل تهدد مصالح الغرب في كل الدول.
أمام هذا الواقع، هل يتلاقى المسيحيون، المتباعدون رغم لقاء بكركي، على الموقف من سوريا؟ سؤال سيظل من دون جواب اذ لن يجرؤ الفريقان على الجهر بحقيقة ما يفكرون.
غسان حجار Annahar 1-5-2011
ghassan.hajjar@annahar.com.lb
واذا كان مسيحيو المعارضة السابقة، الأكثرية حالياً، يدينون في معظمهم لدمشق بدوام العز ردحاً من الزمن، فإن مسيحيي 14 آذار باتوا حائرين في موقفهم من قلب النظام أو عدمه، خصوصاً انه نظام أقلية بات يشبههم الى حد كبير.
ولابد من الإضاءة على التناقض، في الشعور وفي الحسابات، لدى كل طرف من الفريقين الكبيرين في لبنان، اللذين يعانيان عقدة ازدواجية المشاعر:
فمسيحيو 8 آذار، شأنهم شأن كل مكونات هذه القوى، قلقون من سقوط النظام السوري، اذ يرتبط استمراره بامتيازاتهم وبعودتهم الى السلطة وبالانتخابات النيابية المقبلة، وهم في الوقت عينه يخجلون من التعبير عن سرور خفيّ لما حلّ ببعض مسؤولي النظام وللعقوبات التي طالت أمنيين عملوا على إذلالهم سابقاً، وكثيرون منا يتذكرّون كيف عوقب مسؤولون لأنهم لم يلبّوا طلبات عنجر على الوجه الأكمل.
هؤلاء يرون في دواخلهم ان في استمرار النظام في دمشق سنداً لهم، ولكن من دون المضي في غطرسته التي انتهكت كراماتهم مراراً وتكراراً، وتلاعبت بهم الى حد تحويل بعضهم أضحوكة.
أما مسيحيو 14 آذار، فعلى "حقدهم" على سوريا ونظامها، ومحاولتهم السابقة للتمييز ما بين النظام والشعب، لتحريض الناس على السلطة، فإنهم اليوم يراقبون ما يجري في مصر من احراق للكنائس وتعدٍّ على المسيحيين الأقباط، وينتابهم القلق مما حصل في العراق، وهم يسمعون ترداد أصوليين اسلاميين سوريين عبارة "العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت"، لذا باتوا يتخوفون من سقوط النظام وقيام آخر متشدد يهجر ما تبقى من مسيحيي الشرق، وباتوا يتمنون لو "تنكسر شوكة النظام الأقلوي" من دون ان ينهار تماماً.
ان ما حصل في مصر في الأيام القليلة الأخيرة أيقظ مشاعر الخوف الدفينة لدى المسيحيين على تعددهم وتنوعهم، وربما ساعد النظام السوري في اطلالته على المجتمع الدولي الذي صار ينظر الى منطقة ما بين خيارين كلاهما مرّ: اما دعم بعض أنظمة قائمة ولو دكتاتورية شرط قيامها بإصلاحات، أو ترك الساحة لمجموعات أصولية متشددة، ربما تقوم بمجازر جماعية في غير مكان، أو ربما تقود الى حروب أهلية تتفلت معها الأمور في المحور المحيط بإسرائيل الإبنة المدللة للأسرة الدولية، وهي قد لا تكتفي باضطهاد المسيحيين بل تهدد مصالح الغرب في كل الدول.
أمام هذا الواقع، هل يتلاقى المسيحيون، المتباعدون رغم لقاء بكركي، على الموقف من سوريا؟ سؤال سيظل من دون جواب اذ لن يجرؤ الفريقان على الجهر بحقيقة ما يفكرون.
غسان حجار Annahar 1-5-2011
ghassan.hajjar@annahar.com.lb
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.