بطاركة ثلاثة معاصرون
إختلفوا في الاسلوب والصخرة واحدة
لا يختلف أثنان على أن البطريركية المارونية هي إحدى المؤسسات الشرقية القليلة الباقية ، من دون انقطاع أو اندثار ، على نقيض ما جرى للكثير من المؤسسات الشرقية العريقة ، دينية كانت أم سياسية ، طيلة القرون الثلاثة عشر الماضية.
قد يختلف الباحثون في التاريخ الكنسي في تحديد عدد البطاركة الموارنة منذ تأسيس الكنيسة المارونية على يد يوحنا مارون ، بعد الفراغ الذي وقع لأنطاكية، ونزح بها من ضفاف العاصي الى جبل لبنان ، ونقل بها من حالة جماعة كنسية تستلهم تعاليم مار مارون وروحانيته الى حالة أمة ربطت هويتها بجبل اتخذت منه حصنا وساحة شهادة. يعزو البعض ذلك الاختلاف في عدد افراد سلسلة البطاركة لا الى انقطاع بل الى اضطراب في احوال امنية واجتماعية كانت أحيانا ولا تزال تحول دون إمكانية التواصل مع الخارج والداخل على حد سواء.
مهما يكن الأمر من هذه المسألة فمن الثابت أن سلسلة البطاركة الموارنة سواء فاق عدد بطاركتها عن السبعة والسبعين ام قلّ فإنها قد حافظت على ثوابتها الروحية والكنسية والوطنية التي قامت عليها ومنها:
أ- ألامانة لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية – الارثوذكية ، على قاعدة رست عليها المجامع الاولى ولا سيما منها المجمع الخلقيدوني( 451) الذي كان من أكثر المتحمسين له رهبان دير مار مارون ، والذي وازن في المسيح بين الطبيعتين الشرية والالهية.
ب- الارتباط بلبنان موطنا وساحة شهادة للأيمان والقيم ، وفي طليعتها الحرية ، امتدادا وبديلا عن انطاكية بوصفها اولى المدائن المسيحية التي اطلق فيها لأول مرة على اتباع المخلص التسمية التي عرفوا بها لاحقا ، اي " مسيحيون " ، قبل أن تمزق هذه المدينة الانقسامات ويتشتت ابناؤها في اقطار العالم .
ج- استمرارية الانفتاح على الشرق من دون ذوبان لا في اورثوذكيته بيزنطية وسريانية، يعززها انفتاح رديف على العروبة من دون ذوبان لا في الاسلام من جهة ، ولا انفتاح على الغرب والكثلكة ، من جهة أخرى .
بهذا التوازن الدقيق تكمن مفارقة المارونية وخصوصيتها ، بين الامس واليوم ، على اختلاف الاحوال وتبدل الدول ، كما على تنوع أسماء المتعاقبين على كرسي انطاكية وسائر المشرق .
كيف تظهر حقيقة تنوع الادوار في وحدة الاهداف والثوابت داخل القيادة الكنسية المارونية، وأين يكمن سر قوة بقائها واستمراريتها على الرغم من الاخطار والويلات التي أحاقت بها وهددت وجودها على مدى القرون الثلاثة عشر الماضية ؟
للأجابة على مثل هذه الاسئلة اخترنا منهجية الوقوف على عينة من الخطاب الكنسي الماروني لقراءتها وتحليلها . وإيجازا في هذه العملية اقتصر اختيارنا على ثلاثة من البطاركة المعاصرين (خريش (1975- 1986 ) وصفير( 1986-2011) والراعي ) ، في ما عبّروا عنه في مطلع ولايتهم البطريركية من خلال العظة الاولى التي القاها كل منهم يوم "توليته" ، وعلى أساس المعايير الاربعة التالية:
أ- الخلفية البيبلية او الكتابية التي استند كل منهم اليها ، تعبيرا عن رؤيته الى الأفق الروحي، وبالتالي الراعوي الذي يتطلع الى تحقيقه لدى لحظة اجتيازه العتبة الاولى من ولايته البطريركية.
ب- سلسلة البطاركة والقديسين والوجوه التي يشير اليها في عظته ، باعتبارها رموزا يستلهم كل منهم خطوط منهجه الرعوي ، ووجوها يتطلع الى التمثل بها في تعامله مع الرعية والمجتمع بمختلف دوائره ومستوياته.
ج- برنامج العمل الذي يرسمه لنفسه سواء بالعبارة الصريحة ام بصورة غير مباشرة.
د- وأخيرا اجراء قراءة موجزة في قاموسه اللغوي ورصد المفردات التي قد تلخص رؤيته ، علما أن "الاسلوب هو الرجل" ، توضيحا لمعالم الاختلاف والتشابه في ألاسلوب بين الشخصيات الثلاث.
من المتعارف عليه أن تتضمن بنية عظة البطريرك الاولى ، الى الآية التي تُستهل بها ، ترحيبا وشكرا يتوجه بهما البطريرك الجديد الى الشخصيات الرسمية والدينية والاجتماعية والوفود الشعبية المشاركة في الاحتفال أو المُمثّلة فيه . ثم يلي ذلك عرض بالذاكرة لمسيرة الكنيسة عبر مراحلها التاريخية من مار مارون ويوحنا مارون الى السلف او الاسلاف الاقربين في الزمن. تعقبه أو تتداخل في متن النص نقاط تحدد خطة عمل البطريرك بما يراه ملائما وما تقتضيه الظروف والاوضاع الحالية والمستقبلية في ضوء تعاليم الكنيسة الجامعة وثوابت الكرسي البطريركي في مختلف المجالات الكنسية منها والوطنية خصوصا وغيرها بصورة عامة.
ولا بد قبل الشروع في تحليل العظة من الاشارة السريعة الى أن المدة الزمنية التي تفصل بين الخطابين الاول والثالث هي 36 سنة (1975-2011) ، اي عمر الازمة اللبنانية ، والى أن العمر المتوسط للبطريك الجديد ( من الثلاثة ) هو 68 سنة ، وأن كلا منهم يتميز بمؤهلات وبجانب علمي مرموق. فبالبطريرك خريش يتميز بشهاداته العليا في الفسلفة ( نال دكتوراه في السابعة عشرة من العمر في سابقة ملفتة) واللاهوت والقانون، كما يتميز البطريرك صفير بغزارة الانتاج الفكري وبأسلوبه الادبي الذي يصفه البعض بالسهل الممتنع، وهو يشترك مع خريش بانهما خريجا الجامعة اليسوعية في بيروت في دراسة علم اللاهوت، ويتميز البطريرك الراعي ، الى كونه راهبا ورجل قانون ، بأنه اعلامي بامتياز ، وهو يشترك مع خريش بأنه مثله ايضا خريج إحدى جامعات روما الكاثوليكية. وثلاثتهم يجمعهم قاسم مشترك : جذور جبلية في كل من الجنوب وكسروان والمتن، وخلفيات اجتماعية مكافحة. يرتبط اسم الاول بتأييد مبكر وملفت لمسقط رأسه عين إبل على الحدود الجنوبية ل "مشروع لبنان الكبير" الذي كان قد نادى به البطريرك الياس الحويك ابي الاستقلال، و قدمت هذه البلدة في سبيل الدفاع عنه بواكير شهداء الوطن الوليد ،وكان في طليعة المجاهدين والد البطريرك . ويرتبط اسم صفير بشيوخ شباب آل صفير وثورة طانيوس شاهين في ريفون - كسروان وعامية أنطلياس . يجمع بين ثلاثتهم قاسم مشترك من حيث تعرّض كل منهم في أكثر من مناسبة الى مضايقات وتهديدات لا تخفى تفاصيل بعضها على الجيل اللبناني الحالي. وقد واجهها ثلاثتهم بروح الشجاعة عينها التي واجه بها أسلافهم الاشداء مظاهر الظلم وبطش الحكام في الايام السوداء من زمانهم ، معتبرين إياها جزءا من الشهادة للصليب الذي على كل منهم أن يتحمل ثقله ويرتضيه كما فعل سمعان القيرواني خلف يسوع على طريق الجلجلة.
أولا: في المحور البيبلي ( الكتاب المقدس ) والروحي عامة
يستند كل من البطاركة الثلاثة في عظته الى عدد من آيات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، إضاءة للفكرة الرئيسية او الشعار الذي اتخذ من عنوانا لولايته.
البطريرك خريش استشهد بست آيات تكررت إحداها 3 مرات في البداية ومتن النص والخاتمة، مرددا فيها ما قاله القديس بولس الى تلميذه تيموتاوس: " فاثبت أنت على ما تعلمته وكنت منه على يقين ، فأنت تعرف عمّن أخذته" ( 2 تيم 14:3 ) . تنطلق العظة من هذه الاية لتعدد في ما بعدها المنابع الروحية والثقافية والوطنية التي نهل منها البطريرك بنفسه. في رأس هذه المنابع او المنارات "رأس الحكمة " في الكتاب المقدس حيث جاء " رأس الحكمة مخافة الله " ( مزمور 10:110 )، ثم كتاب العهد الجديد ، الانجيل حيث يظهر الله بصفته الاولى "الله محبة " ( 1 يوحنا (8-9 : 4 ، وحيث يعلن السيد المسيح أنه كنيسته على صخرة. " لا تقوى عليها أبواب الجحيم" ( متى(16:18 ، ويقيم فيها رسلا وخلفاء ( مرقص 14:3 ، متى18:16) .
- بدوره يعمد البطريرك صفير الى اسلوب مشابه بحيث يستعين بآيتين فقط من كتاب العهد الجديد : " وجعلوا عليه الصليب ليحمله وراء يسوع ، وكان يتبعه كثيرون من الشعب" ( لوقا 26:23)، ويستند الى آية من بولس الرسول يشير فيها الى الصليب باعتباره " منّة ...حيث لكم من الله لا أن تؤمنوا بالمسيح بل أن تتألموا بسببه وتحتملوا الجهاد" ( من دون تحديد رقم الآية ). هكذا تبدو صورة الصليب والشهادة وما يرتبط بهما من معان مهيمنة على مجمل نص العظة. ولهذا التكرار او الايقاع أكثر من دلالة ، خصوصا وأن البطريرك صفير كان فور انتخابه قد استفاض في خطبة ارتجالية كرر فيها مرارا لفظة "الصليب" . قال : حمّلتموني صليبا ثقيلا" ، مضيفا أن المسيحية في كل زمان ومكان انما هي "شهادة لصليب المسيح" ، موضحا أن المارونية من جهتها كانت "كنيسة حمل الصليب" ، وقد أدت هذه الشهادة منذ نشأتها ولا تزال. بهذه الكلمات تنبّا غبطته عما سيتحمله هو بنفسه من مضايقات ، وما شهده وسيشهده وطنه من ويلات وكوارث.
- الفكرة عينها تتكرر في خطاب البطريرك الراعي ولو بأسلوب مختلف وبلهجة أقل مأسوية إن صح التعبير . يقول: " إنني مدعو لحمل صليب الفداء بكل ثقله" ، ويتفرد ، لا في الاستناد الى آيات من الكتاب المقدس بل يذهب في خطاب غير مسبوق ، ربما ، الى قراءة آيات قرآنية من وحي عيد البشارة الذي يصادف وقوعه في اليوم عينه لتولية غبطته السدة البطريركية، ولعيد البشاره الذي أصبح عيدا وطنيا في لبنان يشارك فيه جميع المواطنين . يقول : " في بشارة الملاك لمريم تجلت الشركة والمحبة التي اتخذتها شعرا لخدمتي البطريركية " ، " أنا خادمة الرب فليكن لي حسب قولك" ( لوقا 38:1 ، 35:1). ثم قرأ من سورة آل عمران ( 48:44) وزاد عليها آيات مكملة لها من سورة مريم ( 36:15، 20، 29،32). وكإعلامي دقيق وعصري يخرج البطريرك الراعي عن اسلوب سابقيه من الاحبار ليستند أيضا الى بنود من الوثيقة الدستورية اللبنانية، دعما لما يريد أن يبينه لأبنائه الموارنة ولكل اللبنانيين ، وليخلص الى التأكيد بأن " لبنان هو وطن الشركة والمحبة " ، وكاد يقول "وطن مريمي" عندما ذكّر بمضمون توصية من توصيات سينودس الاساقفة لأجل كنائس الشرق الاوسط : " بانتظار تكريس بلدان الشرق الاوسط لأمومتها بفعل واحد" ، وفي منطقة ينبغي أن تتحقق فيها الحرية والكرامة لجميع المواطنين وأن " يتمتع فيها الجميع بحق العيش المشترك "، مذكرا بما نصت عليه الوثيقة الدستورية اللبنانية : " لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك".
- بإشارته الى الى هاتين المرجعين ( القرآن الكريم والدستور اللبناني) أضاف الراعي خروجا آخر عن تقاليد الخطاب البطريركي عندما ذكّر بما قاله أحد كبار المفكرين اللبنانيين ، جبران خليل جبران برغم ما عرف عنه من عدم الوفاق التام مع كنيسته المارونية في أمور عديدة. تنطوي هذه الاشارات على دلالات صريحة وغير مسبوقة ربما من قبل السلطة الدينية المارونية بمثل هذا المستوى من التمثيل على صعيد تأكيد أرادة التلاقي والمصالحة مع الاديان والثقافات الاخرى.
- يمكن القول إن أفق الاستنادات المعتمدة في النص البطريركي كان لدى الراعي أبعد وأرحب مدى ، فيما اقتصر لدى خريش على عدد من آيات الكتاب المقدس وبأقل منها لدى صفير. بالطبع لم تغب عن خطاب البطاركة الثلاثة الاشارة الى سلطة تعاليم الكنيسة وبخاصة الى تعاليم المجامع التي عايشها كل منهم.
- ثانيا : الوجوه المُستلهَمَة في مسيرة الكنيسة المارونية التاريخية .
- تقتضي بنية العظة التي نحن بصدد نماذج ثلاثة منها أن يستلهم الواعظ الروح القدس اولا ، لا سيما بعد دورات الاقتراع التي يؤمن أصحاب السيادة أن له دورا اساسيا في اختيار البطريرك. ثم بعد تقديم الشكر والترحيب بكل الفئات التي اشرنا اليها يستخضر البطريرك الجديد بالذاكرة عددا من الوجوه التي يختارها من سلسلة أسماء عديدة من بين أسماء البطاركة والقديسين والشهداء العظام الذين يحفل بهم التاريخ الماروني . وقد يبدأ بذكر من كان لهم تأثير مباشر عليه خلال مرحلة الطفولة والشباب ، كالوالدين والمعلمين في مختلف مراحل الدراسة. وهذا ما فعله البطريرك خريش مثلا عندما أشار ، في طليعة من ذكرهم بالفضل، الى والديه . والدته ابنة ال 98 قال عنها: " ما رأينا يوما الا والسبحة بيدها ، وما طلبت لنا يوم أتاها النبأ المفرح غير الصلاة" . ثم والده الذي قال عنه: " تعلمنا منه محبة الوطن في بيت نشأنا فيه تحت سقفه في كنف والد شهد له عارفوه... باستقامة الضمير والعناد في الحق والاستهانة في المخاطر ، حفاظا على شبر من أرض سقاها عرق الجبين ودم القلب وغامر غير مرة دفاعا عنها وعن الكرامة.." ، وذلك في إشارة الى حوادث 5 ايار 1920 حيث استشهد حوالى مئة من أبناء بلدته وكان من الممكن ان يكون هو واحدا من بينهم. والى والديه يذكر أساتذته "الفضلاء العلماء " الذين استهدى بهم في جامعات روما وجامعة القديس يوسف في بيروت. يلي في الاستذكار الى مار مارون ويوحنا مارون أربع فئات من البطاركة :
- بطاركة قرى بلاد جبيل والبترون " الذين حملوا عروشهم على ظهورهم وجاهد جهادهم من خلفائهم في حقلي الدين والدنيا" .
- بطاركة الاجيال الوسطى : دانيال الحدشيتي المجاهد، وجبرايل حجولا الشهيد ، ويوحنا الجاجي " الذي لاذ هو وخلفاؤه اربعين سنة بوكر النسور في وادي قنوبين، حفاظا على الوديعة الثمينة" .
- بطاركة الشمال وبخاصة الرزيون الثلاثة الذين كانوا " اول من نهل الثقافة الدينية الغربية من معين روما"، والاهدنيون يوحنا مخلوف واسطفان الدويهي ( اللذان تم تقديم دعوى تقديسهما في وقت لا حق) وجرجس عميره.
- بطاركة كسروان والمتن ، ولا سيما منهم الخازنيون ومن بينهم " أعلام قانون ودهاقنة سياسة وبناة كنيسة ووطن".
- البطاركة الاقربون منا في الزمن :البطريرك الياس "الحويك الكبير الذي لا نزال نذكر كفاحه في سبيل لبنان" والبطريرك أنطون عريضة، والسلف المباشر " مار بولس بطرس المعوشي ... إبن الجنوب المنكوب الذي نحمل في جسدنا جراحه ونعيش في نفسنا آلامه" ، في اشارة الى اعتداء عليه في أملاك ابرشية صور في أقصى الجنوب ، كما تعرض لا حقا في بداية الحرب اللبنانية الى تهديد كاد يودي بحياته عند درج الصرح البطريركي من قبل أحد عناصر المليشيات المسيحية ،على مرأى من شهود لا يزالون على قيد الحياة ،لأن البطريرك خريش رفض يومذاك وبعناد تقسيم لبنان – كما قال عنه البطريك الراعي –.
- بهذا التعداد شمل خريش أبرز بطاركة المناطق اللبنانية ممن تميزوا بثلاث خصال اساسية : القداسة والبطولة والثقافة، في حين اكتفى البطريرك صفير في تعداده للوجوه التي اختارها بذكر يوحنا مارون فقط ، مسهبا في تعداد أسماء أماكن تنقل أسلافه عبر " الاودية والجبال من يانوح والعاقورة، الى ايليج وهابيل ، الى وادي قنوبين ومجدل المعوش ، الى الديمان وبكركي" ، مشددا على" أي صليب ثقيل حملوا وأي تضحيات جسام ارتضوا" ، مخصصا سلفه المباشر انطونيوس خريش بالقول : " وشهدنا أي صليب حمله وأية ألام تحمّل " ، معتبرا أن حمل الصليب في المارونية منة من الله وسمة من شخصيتها ، آسفا ان يكون الصليب قد اصبح لدى بعض المؤمنين " مفرغا من قوة" ، في حين أنه يثمر قداسة من خلال "ما تميز به القديس شربل" و" ما تفردت به الطوباوية رفقا" ، وما أخصبت الرسالات من خلاله شرقا وغربا على يد كثيرين من هذا الجبل الذي هو " معقل إيمان وقلعة حية وحصن كرامة وقدس أقداس حقوق الانسان". بهذه الرؤية يبدو واضحا في ضمير البطريرك أن حملة الصليب على غرار " سمعان القيرواني " هم كثيرون ، وقد أموا الصرح البطريركي من جميع المناطق : من الابرشية البطريركية و" نهر ابراهيم ، الى العاقورة والبترون، زغرتا، إهدن، بشري، دير الاحمر ، وادي الرطل" ، ولا يغفل بالطبع " بني قومنا الأقربين في منطقة كسروان العزيزة وجميع المناطق اللبنانية ، عين إبل وجزين آخر رموز لبنان الموحّد ، زحله، البقاع والشوف وقراه الحزينة، عكار، القبيات، منبت رجال حماة العلم اللبناني، جميع أبناء الموارنة في البلدان العربية والمهاجر، الولايات المتحدة، وكندا والبرازيل واستراليا" . البطريرك الهادىء يستعرض أسماء مناطق أبنائه على اتساع خريطة الوطن ، بمعرفة الراعي لرعيته في مكامن ضعفها كما في مكامن قوتها. يأسف للضعف ، ولا يستسلم لتجربة الاحباط . يأمل دائما بأن مسيرة الصليب لا تنتهي بخيبة أمل بل بالقيامة ومجد المنتصر على الموت بجميع عوامله من ظلم وفساد وكل شر وخطيئة.
- بعيدا عن أي عرض كلاسيكي يذهب البطريرك بشاره الراعي مباشرة الى صلب الموضوع، عندما يدمج بين برنامجه الرعوي وتاريخ أسلافه : " برنامجي امتداد لتاريخ أسلافي وعلى مدى 1600 سنة لثوابتهم الايمانية والوطنية" . فبعد أن ذكر المؤسس مار مارون وتلاميذه والبطريرك يوحنا مارون الذي " ثبّت الكنيسة المارونية على العقيدة الكاثوليكية وجعلها أمة مستقلة بحكمها الذاتي في جبل لبان " راح يعدد أسماء اسلافه الذين يستوحي من حياتهم برنامج عمله وهم :
- أرميا العمشيتي الذي أحيا العلاقة بين البطريركية المارونية والكرسي الرسولي في مجمع اللاتران ( 1213)، وجبرايل حجولا الذي قدم نفسه فدية عن الاساقفة والاعيان الذين كان الحاكم المملوكي قد احتجزهم في طرابلس ( 1367) . والبطاركة من آل الرزي الذين انفتحوا على الحداثة الاوروبية وأسسوا المدرسة المارونية الرومانية،( 1584)، الى يوحنا المخلوف وجرجس عميره اللذين أرسيا العلاقات بين الامراء اللبنانيين وأحبار اوروبا وملوكها في القرن السابع عشر، الى اسطفان الدويهي مؤسس كتابة التاريخ الماروني ، ويوسف ضرغام الخازن مفتتح النهضة المارونية في المجمع اللبناني ( 1736) ، ويوسف حبيش الذي شهدت أيامه عامية انطلياس ، الى الياس الحويك ابي الاستقلال اللبناني، (1919- 1920)، وأنطون عريضة الذي رهن صليبه الذهبي وخاتمه لإطعام جياع الحرب العالمية الثانية، وبولس المعوشي الذي انفتح على العالمين العربي والغربي وهدّأ ثورة 1958، وانطونيوس خريش الذي " كربّان حكيم قاد سفينة الكنيسة والوطن وسط أمواج الحرب اللبنانية الهائجة ورفض بعناد مشروع تقسيم لبنان والتحالفات الخارجية". وفي الحلقة الراهنة من سلسلة هذه الوجوه الكبيرة وجه نصرالله صفير " الذي ناضل من أجل تحرير القرار الوطني والارض اللبنانية من ةكل أشكال الوصاية والاحتلال" وجرت في عهده احداث كنسية كبيرة" تُذكر ، كلها امتداد لربيع الكنيسة الذي بزغ مع المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني " ( 1962- 1965)، وما عقبه من مجامع كنسية في لبنان أو ومن أجل كنائس لبنان والشرق الاوسط .
- تلك هي الطريق التي سلكها الاسلاف والتي يريد البطريرك الجديد ان يسير عليها مقتفيا آثارهم.
-
- ثالثا : برنامج العمل او الخطة الراعوية لكل من البطاركة الثلاثة .
- تختلف خطة العمل التي رسمها لعهده كل من البطاركة الثلاثة ، تحديدا وتوضيحا لخطوطها ، ووفقا لظروف كل منهم ، بحيث إن البطريرك خريش جاءت ولايته عشية اندلاع الحرب اللبنانية ، وبعد عشر سنوات على انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني ، الذي لم يكن سلفه البطريرك بولس المعوشي على حماس صريح لتطبيق مقرراته ، اعتبارا منه أنها كانت تعني كنيسة الغرب أكثر مما تعني الكنائس الكاثوليكية في المشرق . لذلك كان على خريش أن أن يشرع في تطبيق مقررات هذا المجمع أولا ، بدءا بتأسيس مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك ، كخطوة اولى لتعزيز الحوار وإحداث ديناميكية على صعيد كل ميدان من ميادين العمل الرعوي، توخيا للاصلاح والتنمية ضمن المؤسسات الكنسية على اختلافها ، من كاريتاس الى الصندوق الماروني، والمركز الكاثوليكي للاعلام ، الى الاكليريكية البطريركية وسواها من المؤسسات. اقتصرت عظة البطريرك خريش في ما يعني خطته الرعوية على المحاور التالية :
- "تأمين من يكسر خبز الكلمة ويزع اسرار المسيح " في اشارة الى الاصلاح اللتيرجي، والتربية الاكليريكية وتفعيل النشاط الرعوي في الابرشيات والرعايا والرهبانيات وحركات العمل الرسولي ....
- الانفتاح على فئة العلمانيين من أبناء الكنيسة الذي يوصي المجمع الفاتيكاني " بفسح المجال لهم للمساعدة على تأمين مسيرة شعب ألله " على الصعيدين الروحي والزمني .
- إعارة القضايا الاجتماعية ما يجب من عناية في ضوء تعاليم المجمع والرسائل الاجتماعية الحبرية التي صدرت في أعقابه ولا سيما منها رسالة " ترقي الشعوب ".
- تنمية التراث الوطني اللبناني ، بما فيه الروابط بين مختلف مكونات الوطن، ومد الجسور نحو " إخواننا المسيحيين والمسلمين " على اختلاف المستويات والنزعات " لنكمل معا إعلاء البناء في سبيل توطيد كرامة الانسان وتعزيز مرتبته وتثبيت أركان هذا الوطن العزيز ... ليظل منفتحا على كل حقيقة أكيدة وعلى كل قيمة أصيلة ... بفضل تضافر جهود أبنائه مقيمين ومغتربين " .
- ولعل ما تميزت به خطة عمل خريش ، بالأضافة الى التصميم على " رفع الصوت عاليا... نصرةً للبنان وقضاياه وقضايا الشرق " التي كانت قد هيأته لها خدمته الاسقفية في كل من فلسطين وجنوب لبنان ، انطواؤها على تأييد " قضية فلسطين العادلة " ، مما تسبب له منذ اولى خطواته البطريركية بانتقادات واعتراضات جاءت من داخل البيئة السياسية المارونية فأعاقت عمله الرسولي وساهمت في اضعاف صورة البطريركية وهيبتها وحالت دون تمكين الرسالة المارونية من تحقيق أهدافها في أبعادها الوطنية والانسانية الحق. وفي هذا المنحى يقول بعض العارفين بأن "البطريرك خريش كان أهم البطاركة الذين عملوا على توحيد الطائفة" ، فشبّهوا دوره بدور البطريرك دانيال الشاماتي ( 1230- 1239) الذي جمع زعماء البلاد "ليوقّعوا على كلمتهم وتوطيد الأمن". فتجرّأ بذلك على وُلوج جبهة قلّما تجرّأ غيره من البطاركة على وُلوجها، وهي "جبهة الموازنة في مواقف بعض زعماء الطائفة السياسيين". إلاّ أن حدّة الانقسامات والخلافات الدموية وسيف الحرب ظل هو الأقوى فكانت أصوات المدافع أقوى منه فظلمته، كما ظلمت معاصره الرئيس الياس سركيس.
- أما خطة عمل البطريرك نصرالله بطرس صفير فقد عبّر عنها في عظته المشار اليها في سياق واسلوب مختلفين. كانت الحرب في 13 نيسان 1986 عندما اعتلى السدة البطريركية قد مضى على انطلاق شرارتها الاولى احدى عشرة سنة على وجه الضبط. وبعدما كانت قد حصدت مئات الالاف في الارواح ( بينهم العشرات من الكهنة والرهبان والراهبات) والكثير مما لا يحصى في الممتلكات والارزاق . ومن بينها مئات الكنائس والمؤسسات الدينية والاجتماعية ، ولا سيما في بداية الاحداث وأثناء الاجتياح الاسرائيلي لقسم كبير من لبنان والعاصمة وما عقبه من حرب بشعة وتهجير في الجبل. في هذه الاجواء كان على البطريرك الجديد ، بعد أن رافق بطريركين سلفين ، أن يضع في طليعة خطته الرعوية،التي ألمح اليها في عظته الاولى ، البنود التالية :
- العمل على تعميق معنى الصليب ، عن طريق "بعث نهضة روحية يشارك في القيام بها شعب لبنان بأسره "، ترمي الى نشر ثقافة السلام والعدالة الاجتماعية، بالوسائل المتاحة وعلى أوسع مدى وفي جميع الاوساط ( من العائلة الى المدرسة والمجتمع) وتشمل تربية الضمير والمجتمع على قواعد قيم الحق.
- أعادة النظر في الطقوس الكنسية ، وتنظيم الادارة الكنسية المادية منها واروحية ، والاستعانة لتحقيق ذلك بالوسائل الحديثة.
- - التأكيد على المسؤولية المشتركة بين الاكليريكيين والعلمانيين ، مع الاشارة الى ان لهؤلاء دورا كبيرا في الشؤون الادارية ، لا سيما وأن تعاليم الكنيسة الاجتماعية كانت قد تطورت كثيرا في هذا المجال مع صدور عدد من الرسائل والارشادات الحبرية .
- لم تخل عظة البطريرك من انتقادات لاذعة الى حالات البذخ في بعض الاوساط اللبنانية وبالأخص المسيحية منها ، والدعوة بالتالي الى ضرورة التضامن الاجتماعي ، كتعبير عن المحبة المسيحية، والى حوار صريح لاقامة العدالة الاجتماعية واعادة السلام ، من خلال " إعادة بناء الدولة بالقضاء على سلطان الدويلات" ، ومن خلال " الانفتاح على جميع العائلات الروحية اللبنانية وعلى الشرق والغرب " . توجّه الى المتقاتلين ومن يقف وراءهم بنداء شديد اللهجة: "إعلنوا بالله عليكم نهاية الحرب، رحمة بالناس ،كفانا ما سقط من ضحايا ، كفانا ما حل بنا من فواجع وخراب " .
- أما خليفته البطريرك الراعي فكان لدى تسلمه مقاليد الرعاية قد تراكم وراءه كم هائل من التوصيات والخطط الكنسية التي انتهت اليها المجامع الكنسية ، من المجمع الفاتيكاني الثاني الى سينودس الاساقفة لأجل كنائس الشرق الاوسط ( 2010 )، مرورا بالسينودس لأجل لبنان ( 1991-1995) والارشاد الرسولي الملحق به ( 1997) ، الى المجمع البطريركي الماروني (2004-2006) ، والى العديد من الرسائل والمقررات الصادرة عن مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان ( (APECL وفي الشرق الاوسط ( (CPCO . يوم استلامه عصا الرعاية كانت قد جرت تطورات خطيرة على الساحة اللبنانية أدت الى انسحاب القوات السورية بعد وصاية بلغ عمرها عمر الازمة اللبنانية وكانت سببا لها ونتيجة ، كم كان قد بدأ "الربيع العربي" منذ أشهر و بلغت آثاره الى سوريا أسبوعا واحدا بعد تسلم غبطته مقاليد الرعاية البطريركية. مجمل هذه المجامع المشار اليها لم يكن البطريرك الراعي بعيدا عنها بل مشاركا فيها وفي مرتبة عاليةة من المسؤولية ، كاأمانة السر في بعضها. لذلك جاء القسم المتعلق ببرنامج عمله في العظة التي نحن بصددها من صميم هذه الوثائق ، وقد عبر عن ذلك بقوله:
- "برنامجي استكمال التنفيذ والتطبيق لمقررات وتوصيات هذه المجامع" .
- برنامج لن يكون الا " بمؤازرة الجميع وبأسلوب حديث وآلية فاعلة تتفق والتقنيات الحديثة".
- خدمة راعوية "متنوعة ألابعاد والمساحات" ، تتضمن لفتة خاصة الى عنصر " شبابنا وصبايانا أمل كنيستنا والوطن"، ، والى " العائلة الحلقة الاساسية لمجتمعنا ... الكنيسة المنزلية المربية على الايمان" .
- لفتة خاصة أيضا الى المرضى والمعوّقين وسائر المتألمين...
- تأكيد على أن "قوتنا" هي من قوة الاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والدعوات الاكليريكية والمؤمنين والمؤمنات.
- الوعد ب"أني أواصل عيش الشركة والمحبة " ، الشعار الذي اتخذه البطريرك الراعي مستلهما إياه من نهج قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر .
- الاتكال على " استحقاقات دماء شهداء لبنان"، وصلاة المتألمين " الذين يضمون آلامهم الى آلام المسيح الخلاصية "،
- والايمان بأن: " ضماننا المسيح ، رجاؤنا الروح القدس ومحبة الله الآب" ، بشفاعة قديسي لبنان ، وبخاصة "رفقة إبنة حملايا ورسولة الألم " .
- ولا ينسى البطريرك أن يوكل الكنيسة والوطن الحبيب الى " أمنا سيدة البشارة وسيدة لبنان ، بانتظار تكريس بلدان الشرق الاوسط لأمومتها".
في خلاصة هذه القراءة في العظات الثلاث الاولى للبطاركة الثلاثة المعاصرين يتبين لنا عدة نقاط واختلاف في الاسلوب ولكن أيضا عدة نقاط مشتركة، ولا سيما في الثوابت الاولى التي أشرنا اليها.
ولكن اذا كان لا بد من مقارنة موجزة ،يتبيّن ما يلي:
- في القاموس اللغوي لكل منهم ، وردت عند البطريرك خريش عبارة " ما تعلمته وأخذته" عن السلف مكررة 6 مرات ، وذلك بمثابة لازمة ، الى جانب كلمات مثل : السلف الصالح، التراث ، الوديعة،...ما يشير بنحو بارز الى الطابع المحافظ ، الحريص على التقاليد . ولكنه طابع مقرون أيضا بالحكمة والهدوء والوداعة وحب السلام، الى نزعة عقلانية ورؤية واسعة . الامر الذي جعله يبدو في نظر بعض أمراء السياسة والحرب كنيسته إنسانا غريبا عنهم. وهذا ربما ما جعل أحدهم يقول عنه في زمن جنون الحرب : " ما كان يجب أن يولّى ابن جبل عامل في جبل لبنان". لم يفهمه أهل السياسة بقدر ما فهمه البسطاء من أبناء الشعب اللبناني من مختلف الفئات والمناطق ،ومن المثقفين والنخبة. وهو من كان يردد : قد يأتي يوم تفهمون ما أقول ، وخصوصا عندما قال لمن حاول الاعتداء عليه عند درج بكركي : "قوصني يا ابني اذا كنت ترى في موتي خلاصا للبنان".
- في المقابل وردت عند البطريرك صفير كلمة " صليب " تكررت 9 مرات، ما عدا المفردات الرديفة للصليب ومعاني الألم. فلا غرابة أن تهيمن على تفكيره ورؤيته للامور صورة الصليب في شكل عام ، فلم تنطبع بها عظته وحسب بل كان كل زمن ولايته الحبرية مصبوغا بهذا الرمز. نظر الى الأمور بمنظار واقعي قاتم ، ولكن من دون إحباط أو يأس ، لأنه كان يعبّر دائما بأن وراء جلجلة الصليب قيامة مكللة بالانتصار والمجد. غالبا ما كان يقول كلمته ويمشي ، معتبرا هو أيضا أنه "إن لم يفهموا اليوم فغدا يفعلون". وقد برهنت الأحداث أن ثورته الهادئة التي أثمرت تحريرا لم تكن من دون جدوى.
- أما في قاموس بشاره الراعي فقد غلبت عليه عبارة " الشركة والمحبة " التي تكررت 14 مرة. وقد أسعفه اسلوبه الاعلامي الحيوي ، بما فيه أحيانا من حماس ومواجهة حادة ، هي جزء من نهجه وطبعه، ومن خطاب متفلّت من القيود والعقد، لينطلق معه بمنطق جديد يقلب به أحيانا الطاولة على رؤوس المتحاورين في الساحة اللبنانية وفي المحافل الدولية ( فرنسا والولايات المتحدة)، ليعيدهم الى جوهر القضايا ،وخصوصا قضية لبنان، والى ما يعتقده الحقيقة ، واثقا من أن الراعي هو من يجب أن تتبعه الرعية ، لا أن يكون هو تابعا لبعض "كرازيها" ، وواثقا أيضا أن بكركي هي "الصخرة" الألفية الصامدة في بعديها العمودي والأفقي. مركوزة هي في جبل لا تهزه الرياح وعواتي الدهر. لم يُعطَ احد ما أعطي "راعيها" من مجد. بهذا الوعي بدا البطريرك الجديد أنه يأخذ بزمام الأمور بنمط جديد من الخطاب والتصرف .
- والسؤال هل ينجح الراعي في متابعة المسيرة بزخم جديد وآلية جديدة على حسب ما وعد به ، أم سيصطدم هو أيضا ببطاركة السياسة من أبناء كنيسته ، فيُحرم من إمكانية ما منع البطريرك خريش من تحقيقه في مصالحة المتخاصمين وتوطيد دعائم وحدة الوطن والعيش المشترك؟
- هل سيتغلب على الجمود المؤسساتي الداخلي والعائد بأدواته التقنية والبشرية الى زمن من غير هذا الزمن ، فيحيي في النفوس ما حفل به عهد البطريرك صفير من رميم أكداس النصوص حبرا على ورق ؟
- قال غبطته في عظته الاولى : إن خدمتي الراعوية ستكون متعددة المساحات والأبعاد .
فهل ستبلغ حقا مساحات لبنان وانطاكية وسائر المشرق وعالم الاغتراب ، تخصبها خميرة بيت مارون بقوتها ، وتضفي عليها " الوردة بين الاشواك " جمالا ، كما قيل في الكنيسة المارونية يوم كانت ربيعا زاهرا في خريف العرب والشرق المستديم ؟!
إن أنظار الجميع تتطلع الى عدم تفويت الفرصة الجديدة المتاحة لعهد أبينا البطريرك بشاره بطرس الراعي، من أجل ربيع ماروني ولبناني دائم ، وحضور مسيحي حي ّ، وفاعلية مشرقية زاهرة ، انطلاقا من أرض التجسد ووطن الرسالة ، لبنان.
J.T.K..