ابو خاطر : لم يكن لطائفة الروم الكاثوليك اية ميليشيا لتستثمرها بعد الحرب
عطالله : الطائفة الملكية تحتاج إلى تعبئة وتفعيل للإنتلجنسيا
صايغ : السياسات اللبنانية المتعاقبة تخلّت عن الإقتصاد الزراعي ونعته
عقد في مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك في زحلة لقاء هو الثاني في سلسلة لقاءات دعا اليها راعي الأبرشية المطران عصام يوحنا درويش في الذكرى الخامسة لتوليته، ضم وجوهاً كاثوليكية من زحلة والبقاع تحت عنوان " الحفاظ على الهوية الملكية".
حضر اللقاء الى جانب المطران درويش راعي ابرشية طرابلس وسائر الشمال للروم الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، النائب الدكتور انطوان ابو خاطر، مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور داوود الصايغ، عميد المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية الدكتور طوني عطالله، قائد منطقة جبل لبنان العسكرية العميد الركن جورج خميس، رئيس قسم المباحث الجنائية العميد موريس ابو زيدان، السفير ايلي الترك، الصحافي نصري الصايغ، امين عام رابطة الأخويات في لبنان ايلي نورية، وعدد من المحامين والمهندسين والأطباء ورجال الأعمال ورؤساء البلديات والمخاتير ومدراء المصارف والقضاة من ابناء الطائفة.
استهل اللقاء بكلمة ترحيب من المطران درويش الذي قدم عرض مفصلاً عن تاريخ طائفة الروم الملكيين الكاثوليك وتطورها الى يومنا الحاضر، وأوضح ان هذا اللقاء يندرج ضمن سلسلة لقاءات مع ابناء الطائفة للتداول معهم بأحاول الطائفة ووضعها اليوم.
عطالله
الكلمة الثانية كانت للدكتور عطالله الذي اشاد بمبادرة درويش ومما قال : " ليست الهوية الملكية الكاثوليكية هوية مستقلة عن المواطنة، بل في انسجام تام معها. وبالرغم من ذلك، ثمة حاجة كي تكون للطائفة الملكية سمات مميزة من أجل تعزيز قوتها ووحدتها، لأن دورها هو عامل اعتدال وتوازن وطني، وبخاصةٍ الابتعاد عن الاستقطابات والانعزال والتقوقع. لم يعرف الملكيون في تاريخهم الانحسار، إنما تميز تاريخهم بالانفتاح، وبالانتشار الجغرافي والمعنوي لصيانة الوحدة والعيش المشترك."
واضاف " في خضم الصراعات الدامية في الشرق وصراع الهويات والمشاريع، تحتاج الطائفة إلى توحيد صفوفها ومواقفها من القضايا الوطنية والمصيرية كي تكون كلمتها مسموعة. إن كثرة الانتقاد بعضنا لبعض في زمن غياب السياسة هو عامل شرذمة إضافي لا يفيد الطائفة. ولا يفيدها الانخراط في أي مشروع يؤدي إلى تحوير المشكلة الأساس في البلد اليوم، أي إنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى حالاً"
وختم عطالله كلمته بوضع سلسلة مبادئ للعمل وقال " تحتاج الطائفة الملكية إلى تعبئة وتفعيل للانتلجنسيا والجمعيات الدينية والتطوعية وإحياء الثقة في المستقبل، وتضافر الجهود وإنماء التعاون بين أبناء الطائفة بفضل المساهمات المختلفة للمحافظة على موقع ريادي على الصعيد الوطني. ويتعين عليها ان تضع امامها العمل على القيم التالية:
– المساهمة في ترسيخ السلام القائم على دولة القانون والحق والمشاركة.
– ان تتجند الطائفة لخدمة الأخ الضعيف.
– العمل على التغيير في الصورة الذهنية للكنيسة فتبقى قريبة من أبنائها تستمع إلى مشاكلهم وتسعى إلى توفير الحلول لهم عبر قدراتها الكبيرة من مدارس ومؤسسات صحية واجتماعية وخيرية وجمعيات مختلفة، وإعادة النظر بالأوقاف واستثمار الأراضي كي تعطي مردوداً، وتنظيم التأمينات الصحية والاجتماعية، والاهتمام بالسكن الذي يجعل الناس تتجذر في أرضها. إن طائفتنا المغبونة والمصابة في معنوياتها، إذا استغلت قدراتها، تصبح عنصراً لا غنى عنه في محيطها.
– ممارسة النقد الذاتي لتطهير النفوس والسلوك من رواسب الحروب والاحقاد، ومن الفساد المستشري في المجال العام وتفشيه إلى القطاع الخاص، بحيث يتخطى أبناء الطائفة الآلام ويستخلصون إيجابياتها.
– تحقيق الترابط بين الخطاب والعمل، وردم الهوة بين الإيمان المعلن والسلوك الذي تطغى عليه مصالح عائلية أو فئوية أو طبقية أو سلطوية.
– العودة إلى الدولة من الباب العريض والاقلاع عن نهج العزوف والاستقالة والمقاطعة دعماً للعلاقة بين المواطن ودولته، وانتصاراً لمبدأ المشاركة."
داوود الصايغ
الدكتور داوود الصايغ كانت له مداخلة عرض فيها لتاريخ رجالات من طائفة الروم الكاثوليك وانجازاتهم في الدولة ولا سيما دور البطريرك الصايغ في ابلاغ الحكومة اللبنانية باعتراف دولة الفاتيكان بها " كان يومها عام 1947 عندما اعترف الفاتيكان بلبنان، كان البطريرك الصايغ الذي بلّغ الحكومة اللبنانية بهذا الموضوع لأنه بكل اسف كان البطريرك عريضة على خلاف مع رئيس الجمهورية وكذلك مع الكرسي الرسولي.
نتطلع اليوم الى الروم الكاثوليك فنجدهم رواداً في المجتمع، قليلون هم من ليسوا من الناجحين، في كل القطاعات موجودون، هذا هو سبب الإنفتاح الذي تحدثت عنه سيدنا، متوارث تاريخياً.
هذا ما ينطبق ايضاً على وضع المجتمع اللبناني ككل، في هذه الحالة التي وصلنا اليها من التراجع والتقهقر السياسي، لكن المجتمع قوي، ومن اقوى الأوفياء في المجتمع اللبناني هم الروم الكاثوليك، ولذلك نحن لسنا حيارى ابداً، من الممكن ان يكون الآخرون حيارى وليس نحن."
نصري الصايغ
الصحافي نصري الصايغ عرض لوضع المسيحيين في البقاع الغربي وتضاؤل عددهم باستمرار فقال " الملكيون، وغيرهم مثلهم، يخسرون ويخسرون. الأكثرية فقدت ارتباطها بأرضها. اما هاجرت او نزحت. الأسباب مزمنة . يعود النزف الى ما قبل الحروب اللبنانية، تكاثر في الحرب وازداد بعدها. بعض البلدات والقرى مهجورة من اهلها.
تساءلت : اما فات الأوان؟ ربما بلدتي مشغرة نموذج. من تبقى منها لا يتجاوز الـ 250 فرداً من الملكيين والأرثوذكس. اين هم؟ هنا في بيروت، وهناك في المهجر. والقسمان يتحسران ولا يفعلان شيئاً ابداً … يبكون بدموع جافة، على اطلال هم تخلّوا عنها…. جاذبية المدينة وحلم الهجرة اخذا ابناء بلدتي منها. هي الآن كنيسة بلا كاهن بحفنة من المؤمنين، حتى في الأعياد الكبيرة. لا مدرسة، لا انشطة، لا اندية، لا جمعيات….ذبول ويباس. لا امل بعودة ماضٍ مضى وما زال يمضي.
تساءلت : هل هي لعنة قدر ام خيار بشر؟ تبين لي انها خيار بشر. غيرهم ما زال ينشط ويعمل ويتقدم برغم التخلي التي تمارسه سلطات المركز السياسي. فالإهمال مشترك من قبل الحكم. لكن الإعتناء الطائفي مختلف. الطوائف المدعومة سياسياً ومذهبياً ومالياً، حيّة ترزق، لا بل ان العودة الى البلدة مزدهرة والعمران منتشر والإجتماع المذهبي والعائلي قائم، وبيروت التي ابتلعت ابناءنا لم تقو على المؤمنين بأرضهم وتراثهم ومستقبلهم."
وعن سبب الهجرة قال الصايغ " هل المسألة سياسية ام ثقافية ام مذهبية؟ هي معضلة ثلاثية.
اولاً : السياسات اللبنانية المتعاقبة، الداعمة للإقتصاد التجاري، تخلّت عن الإقتصاد الزراعي بل نعته. الإنماء المتوازن الذي نص عليه اتفاق الطائف، بدا وكأنه عقوبة للأطراف وفضيلة لبيروت الكبرى. تضيق فسحة العيش، تصبح السياسة طاردة لأهل القرى. لم نعرف في لبنان سياسة تشبه السياسات الإستيطانية الإسرائيلية في فلسطين، حيث كل مستوطنة ورشة عمل حرفية وزراعية وصناعية وخدماتية. ارضنا افضل من ارض فلسطين المحتلة. ارضنا معاقبة بالسياسة، هناك يزدهر النشاط وهنا تبور المشاريع.
ثانياً : ليس لدى اللبنانيين ثقافة واحدة. هناك ثقافات عديدة اهمها تلك التي تتعلق بالإنتماء. الإنتماء الى الأرض متفاوت. لدى الطوائف الأخرى الإنتماء قوي. لدى الطوائف المسيحية الإنتماء ضعيف. وعندي شواهد كثيرة على ذلك. ثقافة الهجرة في لبنان عامة. ثقافة العودة من المهاجر ليست واحدة، والأدلة كثيرة. لهذا فرغت القرى من اهلها القريبين في بيروت، البعيدين في المغتربات.
ثالثاً : تنشط الطوائف لتغليب الديموغرافيا في الإنتشار. تعاني الطوائف المسيحية من التناقص في مواكبة التزايد. مشكلة مشرقية، ندعى الأقليات. الحلول لهذا الإشكال غير متوفرة . فماذا تفعل طائفة ازاء هذا الواقع؟ الطوائف المطمئنة الى تواجدها وتزايدها، مدعومة مادياً، داخلياً واقليمياً، وهذا ما تفتقر اليه طوائف مسيحية ومنها الملكيون. الطوائف الأخرى دويلاتها ضمن الدولة. ليس امام الطوائف المسيحيية غير الدولة، والدولة غائبة ومغيبة وموزعة."
ابو خاطر
النائب الدكتور انطوان ابو خاطر كانت له كلمة قال فيها : " الموضوع مقلق للجميع، علينا في هذا اللقاء وفي لقاءات اخرى ان نوجد بصيص ضوء وأمل للمواطنين الذين نلتقيهم يومياً ونلمس معاناتهم وليس لدينا حلول ملموسة.
شاء القدر ان طائفة الروم الكاثوليك، انطلاقاً من انفتاحها ان تكون ممتدة على كافة مساحة لبنان من القاع الى مرجعيون. اثناء الحرب اللبنانية المؤسفة، لم يكن لطائفة الروم الكاثوليك، بناءً للثوابت والقناعات لديها، اية ميليشيا لتستثمرها بعد الحرب بالتوظيف والدفاع عن مواقعها في الدولة، هذه المواقع تعطي بعض الثقة للمواطنين.
اذا نظرنا اليوم الى عاصمة الكثلكة، وبخاصة الى الى قصر العدل والسرايا، نلاحظ الفرق بين عدد الموظفين المسيحيين اليوم وعددهم في الماضي. انا ابن تربل، منذ عام 2009 ولغاية اليوم ازداد عدد الناخبين المسيحيين 30 صوتاً فقط، وتربل بلدة مسيحية صرف، واذا نظرنا الى لوائح الشطب في زحلة نرى الأمر نفسه، نحن لا نشعر بالفراغ في زحلة نتيجة هجرة اهل القرى الى المدينة. نحن في واقع اندثار نتيجة عدم الإنجاب او الحالة الإقتصادية، الإهمال من الدولة في ظل غياب سياسة اسكانية.
هناك ازمة علينا المحاولة ان نبني تدريجياً سلّم اولويات لحلحلة هذه الأمور. "
وكانت مداخلات ايضاً لكل من السادة : ابراهيم طرابلسي، طوني طعمة، ايلي نورية، سامر بالش، جوزف نجار، سامي خوري، خليل توما، جوزف لطيف، كميل عموري ومارك رياشي، شددت جميعها على ضرورة التوصل الى وضع خارطة طريق مبنية على اسس واضحة لمعالجة المشاكا التي تمر بها الطائفة.
وفي نهاية اللقاء قدّم العميد موريس ابو زيدان درعاً تقديرية الى المطران درويش عربون محبة وشكر على كل مايبذله في سبيل خدمة ابناء الطائفة.