"أنجلةٌ جَديدة" في الدورة: شبابٌ يتحوّلون... ويبشّرون المُرسَلون الموارنةُ احترفوا الإعلام و"دقّ البواب" ليسَ وارِداً
لدى رندى، اخبار سارة. ايلي تحوّلت حياته كليًا. فبعدما كان يمضي اوقاته في التلهي هنا وهناك، "تغيرت اولوياته"، واصبح يصلي. كذلك ريتا بدأت "تلاحظ هدوءا جميلا فيها". في صوت رندى، فرح "يقفز" فورا عندما تخبر عن الـ "ديسايبلز 4 جيزوس" (اي تلاميذ ليسوع). هناك، الانجلة على قدم وساق.
مساء كل ثلثاء، يلتئم شمل "ديسايبلز 4 جيزوس" في مبنى "تيلي لوميار"- الدورة. امام نحو مئة شاب وشابة، يقف الاب رمزي جريج اللعازاري (*) متكلما عن يسوع المسيح. المعهد الذي اسسه "تيلي لوميار" في 9 ك2 2012، يهدف الى تمكين كل طالب فيه "من تكوين علاقة شخصية بيسوع. ومن خلالها، تتغيّر حياته"، تقول مديرة المعهد السيدة رندى شاوول.
تأمين المعلومات عن المسيحية ليس المبتغى، انما "تنشئة" تلاميذ ليسوع بالمسيح. "بعد "التعرف" اليه، في مستوى اول يستغرق 6 اشهر، يكون "مستوى ثان يتعلم فيه طلاب المعهد، كيف يكونون تلاميذ للمسيح، وثالث هو تشارك الطلاب مع آخرين في اختبارهم مع المسيح وكيف غيّر حياتهم، مبشرين به". وهذان المستويان يستغرقان معاً 6 اشهر.
الادراك ان "شبابا كثيرين يعيشون فراغا وان يسوع المسيح وحده قادر على ان يملأه" هو الذي حفز على اطلاق المعهد. وكانت النتيجة موفقة. فالمستوى الاول يضم حاليا 100 شاب وشابة. وفي المستوى الثاني، هناك 35 ممن نجحوا في امتحان المستوى الاول، بينما لا يزال المستوى الثالث ينتظر "تخرج" طلاب المستوى الثاني.
الاخبار عن شباب تغيّرت حياتهم بفعل يسوع لم تعد سرا. "بانفسهم يخبرون عن التحول الذي تحقق فيهم، مبشرين حتى قبل ان يتعلموا التبشير". الانجلة هناك تعني "نقل المحبة الى اي كان، ايا تكن هويته، وعيش البشارة حيثما وجدنا"، تشرح شاوول. في المعهد "اللاطائفي وذي التوجه المسكوني"، يبقى الهدف "ايصال المحبة الى الجميع. فاذا اردنا اتباع المسيح، علينا ان نحبّ الجميع".
لمصادفة الامور، ربما، سبقت انطلاقة المعهد ما اقترحه بعد اشهر قليلة عشرات الاساقفة الكاثوليك خلال سينودس عن "الانجلة الجديدة" في ت1 2012 في الفاتيكان. "شمول التعليم الديني الراشدين، وانشاء مراكز تدريب على الانجلة الجديدة"، احد الاقتراحات الـ 58 التي رفعت الى البابا بندكتوس السادس عشر، من اجل "جعل كل مسيحي مبشرا مؤمنا وذا صدقية". ولعل ما قاله السكرتير الخاص للسينودس اسقف مونبولييه بيار –ماري كاري يختصر الكثير: "ليس المطلوب ادخال تغييرات هيكلية. لكن بالايمان الذي يجب ان يكون مهيكلاً جيدا، يمكن المؤمنون القيام بتحولات".
ما شهده الفاتيكان "خطوة متقدمة جدا، يبيّن عمق ادراك الكنيسة للصعوبات"، يقول الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة الاباتي ايلي ماضي. تمتين ايمان المسيحيين، خصوصاً الموارنة منهم، هو الهمّ الذي يشغل الجمعية، تحقيقا لاهدافها التأسيسية "اعلان انجيل الخلاص والتبشير والرياضات الروحية والوعظ والارشاد". في نموذج آخر من التبشير اللبناني، طوّرت الجمعية وسائلها لتواكب العصر. "في البدايات، كان مرسلوها يتنقلون مشيا بين القرى، واعظين. ثم ركزت على الاعلام المكتوب، منشئة "مطبعة الكريم الحديثة" (1929). وفي الثمانينات من القرن العشرين، اطلقت اذاعة "صوت المحبة". وحاليا، صار لديها "تلفزيون المحبة".
اعلام، انترنت... لانجلة المسيحيين في لبنان، خصوصاً موارنته. وابعد من لبنان، تصب الجمعية اهتمامها على المهاجرين، منهم "الذين نريد ان يبقوا متعلقين بارضهم وايمانهم وتراثهم". وتحقيقا لذلك، يتوزع اكثر من نصف رهبانها (نحو 60) في مختلف القارات. "اذا تمكنا من اللحاق بابناء الكنيسة الى المهجر، تكون الكنيسة تقوم بواجبها في الانجلة"، يقول ماضي. وبهذه الروحية، يمضي المرسلون الموارنة الى الخارج، "ويقصد كنائسهم، ليس لبنانيون من مختلف الكنائس فحسب، انما ايضا ابناء المجتمع المحلي". اما تبشير غير المسيحيين و"دّق ابوابهم" في لبنان، فمسألة اخرى، وليسا من التقاليد. "الظروف لا تسمح اطلاقا بذلك. مجتمعاتنا متداخلة، وعلى كل فريق ان يحترم خصوصية الآخر"، يقول ماضي صراحة. "دق الابواب يعتبره آخرون تعدياً عليهم. وكنيستنا ليست كذلك. لا يمكن القيام بذلك. نريد ان نحترم خصوصيات الآخر".
في المهاجر ايضا، لم تخض الجمعية تجربة التبشير "وجها لوجه". "هذه الفكرة لم نبحث فيها بعد. كل ما لدينا هو وسائلنا الاعلامية، وكنائسنا في المهاجر مفتوحة امام الجميع، ولدينا علاقات طيبة بالكل... ولو اردنا دق الابواب في المهاجر، فسنحتاج الى اعداد من الكهنة. وهذه الاعداد ليست متوافرة". ايا يكن، يبقى عيش الايمان العامل الجاذب، في رأيه. "شهادتنا هي التي تشد الناس وتؤثر عليهم. ولطالما كانت الشهادة المسيحية جاذبة على مر التاريخ".
في رؤيا البابا، ثمة قارة جديدة تحتاج الى تبشير هي "القارة الرقمية". والمهمة القاها على عاتق الشباب، داعيا اياهم الى ولوجها "بحكمة، وتجنب افخاخها... واظهار التزامهم التبشيري في اسفارهم". في "سنة الايمان" التي افتتحها في ت1 2012، دعوة مفتوحة الى "تأكيد الرجاء بالانجيل".
(*) الاب جريج هو الذي يتولى لقاءات المستوى الاول في المعهد.