من ثوابت التاريخ العربي الحديث، المشرقي خصوصا، ان الثورات المتعاقبة التي شهدتها الدول العربية منذ خروج الاستعمار الاوروبي اسفرت عن موجات متتالية من التصفية والهجرة المسيحية، حتى بات تضاؤل الوجود المسيحي في الشرق مثل القدر، وأشبه بعنوان رئيسي لاي تحول جذري يطرأ على احوال المسلمين وأوضاع بلدانهم.
وباستثناء لبنان، فإن مختلف التحولات المشرقية التي بدأت بالاستقلال الوطني وما تلاه من ثورات شعبية وانقلابات عسكرية تحت شعارات شيوعية او قومية، كانت تسهم بشكل تدريجي في اضطهاد المسيحيين ودفعهم الى الهروب من بلدانهم الاصلية.. الى ان جاء المشروع الاسلامي، فاكتشفوا ان المسلمين باتوا حالة ميؤوسا منها، تسير بوعي وثبات الى الوراء، وتتخلى نهائيا عن مزاعم التعايش الديني التي سادت على مدى القرون الـ14 الماضية.
وهكذا لم يعد للمسيحيين على سواحل المتوسط مدينة واحدة يشكلون غالبيتها بعدما كانت معظم المدن الساحلية تحمل علاماتهم البارزة. وبعدما تولى الاحتلال الاسرائيلي تهجير مسيحيي فلسطين بحيث لم يبق منهم سوى رموز ومعالم سياحية، اكمل المهمة القوميون والاسلاميون العرب، فكان العراق نموذجا مؤلما، بحيث عمد الارهابيون المسلمون الى تصفية من بقي منهم في ظل حكم صدام حسين، وسجلت سوريا، على وقع الحدث العراقي واللبناني ايضا، هجرة صامتة وواسعة لمسيحييها، فيما كان اقباط مصر يشعرون بأن ارضهم تميد تحت اقدامهم، وكنائسهم تحرق امام عيونهم.
الثورة العربية الراهنة، التي ترفع شعار الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، دبت بعض الذعر في قلوب مسيحيي الشرق، من ان يكون المسلمون على وشك احياء خلافتهم، لكنه بالتأكيد لم يدفعهم الى الاعتقاد بأن عليهم ان يشدوا الرحال مرة اخرى الى بلاد المهجر. كانت مصر اشارة مهمة، حيث دعي الاقباط بإلحاح الى المشاركة في الثورة وأفسح لهم المجال للتعبير عن انفسهم اكثر من اي وقت مضى منذ الاستقلال المصري، وانخفض عدد الاعتداءات عليهم وعلى كنائسهم وازداد الحرص والحماية لوجودهم، من جانب الشارع المسلم قبل المؤسسة المسلمة الحاكمة.
وبهذا المعنى، كانت الثورة المصرية نقطة تحول تاريخية، معطوفة على الثورة السورية التي يقودها جمهور سوري اقل تدينا واكثر انفتاحا ومدنية حتى من الجمهور المصري، والتي دقت في البداية جرس الانذار المسيحي، من ان تكون الغالبية السورية المسلمة تستعيد حلما قديما او تصفي حسابا سابقا مع النظام، لكنها سرعان ما تبينت ان ثمة مشروعا متقدما لا يمكن الا ان يخدم المسيحيين من دون الحاجة الى اي تواطؤ او تنازل، ويضمن بقاءهم ويكفل حرياتهم السياسية والدينية، وربما ايضا يدعو في مرحلة لاحقة المهاجرين منهم الى العودة، للمشاركة في بناء الدولة العصرية، التي ضاع الطريق اليها منذ الاستقلال.
كان لبنان استثناء ولا يزال، لان مسيحييه الذين فقدوا دورهم المتقدم وموقعهم المتميز عن بقية المسيحيين المشرقيين، يمكن ان يستغرقوا وقتا طويلا قبل ان يلاحظوا ان الثورة العربية التي تقوم بها الغالبية المسلمة اليوم، ليست اسلامية، بل هي مناهضة لاي مشروع اسلامي، وهي لن تكون سببا لهجرة مسيحية جديدة، بل حافزا لوقف النزف المسيحي المستمر من هذا الشرق
وباستثناء لبنان، فإن مختلف التحولات المشرقية التي بدأت بالاستقلال الوطني وما تلاه من ثورات شعبية وانقلابات عسكرية تحت شعارات شيوعية او قومية، كانت تسهم بشكل تدريجي في اضطهاد المسيحيين ودفعهم الى الهروب من بلدانهم الاصلية.. الى ان جاء المشروع الاسلامي، فاكتشفوا ان المسلمين باتوا حالة ميؤوسا منها، تسير بوعي وثبات الى الوراء، وتتخلى نهائيا عن مزاعم التعايش الديني التي سادت على مدى القرون الـ14 الماضية.
وهكذا لم يعد للمسيحيين على سواحل المتوسط مدينة واحدة يشكلون غالبيتها بعدما كانت معظم المدن الساحلية تحمل علاماتهم البارزة. وبعدما تولى الاحتلال الاسرائيلي تهجير مسيحيي فلسطين بحيث لم يبق منهم سوى رموز ومعالم سياحية، اكمل المهمة القوميون والاسلاميون العرب، فكان العراق نموذجا مؤلما، بحيث عمد الارهابيون المسلمون الى تصفية من بقي منهم في ظل حكم صدام حسين، وسجلت سوريا، على وقع الحدث العراقي واللبناني ايضا، هجرة صامتة وواسعة لمسيحييها، فيما كان اقباط مصر يشعرون بأن ارضهم تميد تحت اقدامهم، وكنائسهم تحرق امام عيونهم.
الثورة العربية الراهنة، التي ترفع شعار الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، دبت بعض الذعر في قلوب مسيحيي الشرق، من ان يكون المسلمون على وشك احياء خلافتهم، لكنه بالتأكيد لم يدفعهم الى الاعتقاد بأن عليهم ان يشدوا الرحال مرة اخرى الى بلاد المهجر. كانت مصر اشارة مهمة، حيث دعي الاقباط بإلحاح الى المشاركة في الثورة وأفسح لهم المجال للتعبير عن انفسهم اكثر من اي وقت مضى منذ الاستقلال المصري، وانخفض عدد الاعتداءات عليهم وعلى كنائسهم وازداد الحرص والحماية لوجودهم، من جانب الشارع المسلم قبل المؤسسة المسلمة الحاكمة.
وبهذا المعنى، كانت الثورة المصرية نقطة تحول تاريخية، معطوفة على الثورة السورية التي يقودها جمهور سوري اقل تدينا واكثر انفتاحا ومدنية حتى من الجمهور المصري، والتي دقت في البداية جرس الانذار المسيحي، من ان تكون الغالبية السورية المسلمة تستعيد حلما قديما او تصفي حسابا سابقا مع النظام، لكنها سرعان ما تبينت ان ثمة مشروعا متقدما لا يمكن الا ان يخدم المسيحيين من دون الحاجة الى اي تواطؤ او تنازل، ويضمن بقاءهم ويكفل حرياتهم السياسية والدينية، وربما ايضا يدعو في مرحلة لاحقة المهاجرين منهم الى العودة، للمشاركة في بناء الدولة العصرية، التي ضاع الطريق اليها منذ الاستقلال.
كان لبنان استثناء ولا يزال، لان مسيحييه الذين فقدوا دورهم المتقدم وموقعهم المتميز عن بقية المسيحيين المشرقيين، يمكن ان يستغرقوا وقتا طويلا قبل ان يلاحظوا ان الثورة العربية التي تقوم بها الغالبية المسلمة اليوم، ليست اسلامية، بل هي مناهضة لاي مشروع اسلامي، وهي لن تكون سببا لهجرة مسيحية جديدة، بل حافزا لوقف النزف المسيحي المستمر من هذا الشرق
assafir- 13-9-2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.