Arabes du Christ


" الهجرة المسيحية تحمل رسالة غير مباشرة للعالم بأن الإسلام لا يتقبل الآخر ولا يتعايش مع الآخر...مما ينعكس سلباً على الوجود الإسلامي في العالم، ولذلك فإن من مصلحة المسلمين، من أجل صورة الإسلام في العالم ان .... يحافظوا على الوجود المسيحي في العالم العربي وأن يحموه بجفون عيونهم، ...لأن ذلك هو حق من حقوقهم كمواطنين وكسابقين للمسلمين في هذه المنطقة." د. محمد السماك
L'emigration chretienne porte au monde un message indirecte :l'Islam ne tolere pas autrui et ne coexiste pas avec lui...ce qui se reflete negativement sur l'existence islamique dans le monde.Pour l'interet et l'image de l'Islam dans le monde, les musulmans doivent soigneusement proteger l'existence des chretiens dans le monde musulman.C'est leur droit ..(Dr.Md. Sammak)

vendredi 10 février 2012

عظة البطريرك الراعي في عيد القديس مارون

عظة البطريرك الراعي في عيد القديس مارون

" أتت الساعة ليتمجّد فيها ابن الإنسان، الحقّ أقول لكم: إنّ حبة الحنطة، إن لم تقع في الأرض وتمت، تبقى واحدة، وإذا ماتت، أتت بثمر كثير"

بيروت، الخميس 9 فبراير 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي عظة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بمناسبة عيد القديس مارون، وذلك في كاتدرائية مار جرجس في بيروت.
* * *
1. يسعدنا أن نحتفل معاً بعيد أبينا القديس مارون، بدعوة كريمة من سيادة أخينا المطران بولس مطر، رئيس أساقفة بيروت، في ختام زيارتنا الراعويةxx للأبرشية التي دامت أربعة أيام. ومن دواعي سرورنا، أن تكونوا يا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على رأس المصلّين، بمشاركة دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، ودولة رئيس مجلس الوزراء السيد نجيب ميقاتي، وسائر أركان الدولة. إنّا نلتمس لكم من الله، بشفاعة القديس مارون، النِعم الإلهية لتتمكّنوا من قيادة البلاد إلى شاطئ الامان.
   2. من موت يسوع المسيح، فادي الإنسان، على جبل الجلجلة وقيامته، وُلدت البشرية الجديدة المتمثّلة بالكنيسة. فتمجّدَ ابنُ الله في السماء وعلى الارض بإيمان الشعوب وخلاصهم. وكان لا بدّ من أن يسبق عظمةَ المجد بالقيامة إذلالُ الموت على الصليب. فكان المسيحُ "حبةَ الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت، فأتت بثمر كثير" (يو12: 24). وبهذا فتح نهجاً للحياة المسيحية بل لحياة كلّ إنسان، تبعه القديسُ مارون، "فوقع"في أرض قورش من نواحي انطاكيه "حيث سُمِّي لأول مرة المؤمنون بالمسيح مسيحيين" (أعمال11: 26) و"مات" عن العالم بالتقشف والصلاة،"فوُلدت" الكنيسة المارونية وانتشرت في كلّ بقاع الأرض. وهكذا تحقّقت كلمةُ الربّ في الإنجيل: "يشبه ملكوت السماء، أي سرّ الكنيسة – الشركة، حبةُ خردل، أخذها رجل وزرعها في حقله، وهي أصغر كلّ الزروع، ولما كبرت، كانت أكبرها، وتصير شجرة حتى إنّ طيور السماء تأتي وتعشعش في أغصانها" (متى 13: 31-32).
   3. إننا نأمل أن يكون نهجُ حبّة الحنطة نهجَ كل واحد منّا، ونهج مؤسسات الدولة وإدارتها، لكي ينموَ لبنان ويكبر سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً. ولا مجال لذلك إلّا بالجمع بين موجبات العمل السياسي والإداري والمبادئ الاخلاقية، وبممارسة هذا العمل بروح الخدمة والتجرّد وإخلاء الذات في سبيل الخير العام والشفافية مقرونة بالمناقبية والكفاءة والفعالية، كما وبالتفاني الصادق في سبيل الخير العام، والإلتزام بتعزيز حقوق المواطن على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والمعيشي (شرعة العمل السياسي، صفحة 20-21). هذا ما يدعونا إليه الربُّ يسوع، شارحاً مفهوم حبة الحنطة بقوله: "من يحبب نفسه يضحّي بها، ومن يتخلّى عن نفسه في هذا العالم، يحفظها لحياة الأبد...فمن يخدمني يكرمه الآب" (يو12: 25-26). إنَّ كل الشهداء الذين سقطوا في سبيل الوطن ، منذ الإستقلال حتى اليوم، كانوا حبات حنطة ماتت، وبفضلهم ثبت لبنان ونما وكبر.
  4. "أتت الساعة ليتمجّد فيها ابن الانسان". هو مجد المسيح الذي تحقق بولادة الكنيسة وخلاص جميع الشعوب. ويتحقق مجد لبنان بترقّيه ووحدة شعبه ورسالة عيشه الواحد وحوار الحياة بين مختلف الثقافات والأديان على أرضه. وكان مجد القديس مارون بولادة كنيسته المارونية، وبارتفاع القديسين والقديسات من أبنائها الى مجد السماء، وبأمانة أبناء هذه الكنيسة وبناتها لنهجه الإنجيلي المميّز بالإيمان الصافي بالمسيح، والصلاة ومناجاة الله، وبالتقشّف والتجرّد والتفاني في خدمة جميع الناس، وبالغيرة المتّقدة على نشر إنجيل الله الخلاصي.
   5. عاش القديس مارون في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس، وكان كاهناً وناسكاً، كما سمّاه صديقه القديس يوحنا فم الذهب ابن انطاكيه وبطريرك القسطنطينية، في رسالة المودّة والصلاة التي أرسلها إليه من منفاه في القوقاز بأرمينيا. ومات سنة 410. وكانت قد تكوكبت حوله نخبة من النسّاك الذين نهجوا نهجه، ثم ازدادت بعد موته ونمت في الدير الحامل اسمه على ضفاف نهر العاصي، الذي بُنيَ في المنتصف الثاني من القرن الخامس، من بعد أن تجلّت جماعة "بيت مارون" الى جانب تيودوريطس اسقف قورش في دعم مجمع خلقيدونية  المنعقد سنة 451، وتبنّي عقيدته التي اعلنت إيمان الكنيسة بالمسيح الكامل في طبيعتيه الإلهية والإنسانية. وقد اعطت في سبيل هذه العقيدة ثلاثماية وخمسين شهيداً، فكانوا "حبات حنطة" أثمرت الثمر الكثير في حياة الكنيسة المارونية. إنَّ بعضاً من تلاميذ القديس مارون أمّوا في القرن الخامس جبل لبنان من ناحيتَي أفقا – العاقوره وجبّة بشري، حاملين إنجيل المسيح وروحانية القديس مارون. وفي أواخر القرن السابع أصبحت الجماعة المارونية كنيسة بطريركيّة بانتخاب أوّل بطريرك لها سنة 686، هو القديس يوحنا مارون الذي استوطن كفرحي في بلاد البترون في الدير الحامل اسمه.
   6. تجذّرت الكنيسة المارونية في لبنان وتربتِه الخصبة، ومنه توسَّعت في بلدان الشرق الاوسط، وانتشرت في سائر اقطار العالم، كشجرة باسقة الأغصان. لقد عُرفت "بالأُمّة المارونية"، واحتلّت فيها البطريركيّة، حسب تعبير البطريرك المكرَّم اسطفان الدويهي، "مركز الصدارة والدينامية، ودور الموجِّه والوسيط، والحكم والرقيب". وظلّت البطريركيّة عبر المراحل التاريخية ملتزمة بالأمانتين: عقيدة الإيمان والكيان اللبناني. وبفضل ما لها من روابط مع الكرسي الرسولي والغرب وتجذّر في الشرق، شكّل الموارنة، كما غيرهم من الطوائف اللبنانية، قيمة مضافة متميّزة بالإنفتاح على الشرق والغرب، صانت الكيان اللبناني ونشرت الحريات وقيم الحداثة (راجع روجيه ديب، لبنان المستقرّ، صفحة 57-59).
   7. إننا بمناسبة عيد القديس مارون ندعو الموارنة للمحافظة على هذه القيمة وتعزيزها، مستمدينها من هوية كنيستهم التي هي مصدر رسالتهم. هذا ما كشفه المجمع البطريركي الماروني المنعقد ما بين سنة 2000 و 2005، محدِّداً هذه الهوية والرسالة بأربع ميزات[1]:
   1) الكنيسة المارونية بطريركية ذات طابع نسكي رهباني مستمدّ من روحانية القديس مارون الكاهن الناسك، وديره الذي هو مهد المارونية. ما يعني أنها جماعة ديرية كبيرة معروفة برعية البطريرك التي تتمحور حول الكرسي البطريركي، وشخص البطريرك المدعو "الأب الرأس"، الحافظ لوحدتها في إطار مجمعية أسقفية. إنّ طابعها البطريركي يجعلها جزءاً لا يتجزّأ من الكنيسة الكاثوليكية التي يرعاها أسقف روما، خليفة القديس بطرس. إنّها كنيسة الشركة مع الكرسي الرسولي الروماني، وهي ذات موهبة خاصة قوامها الصلاة والتوبة وبساطة العيش والتعاضد الأخوي بروح المحبة وحالة السهر بقوة الرجاء الذي لا يخيّب، وانتظار تجلّيات المسيح في حياتها ومجيئه الثاني ديّاناً، فالإنطلاقة الجديدة من المسيح.
   2) والكنيسة المارونية إنطاكيّة سريانيّة ذات تراث ليتورجي خاص. بهذه الصفة هي مؤتمنة على جوهر المسيحية التي أُعطيَت اسم مسيحي في انطاكية (أعمال11: 26) وبالتالي على وحدة الإيمان والشركة في إطار التعددية والإنفتاح على الشعوب. وبهذه الصفة أيضاً تنتمي إلى عائلة الكنائس ذات التراث السرياني المميّز بالطابع المريمي، والدعوة الملحّة إلى التوبة، ورجاء لقاء المسيح في نهية الزمن.
   3) والكنيسة المارونيّة خلقيدونيّة تحمل طابعاً مسيحانياً بروحانية التجسّد في البيئة اللبنانيّة والمشرقيّة وفي بلدان الإنتشار. ما يقتضي المحافظة على الأرض وسعي أبنائها الدؤوب مع مواطنيهم وشركائهم في المصير، من مسيحيين ومسلمين، إلى العمل معاً في شتى المجالات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية، من اجل ترقّي الإنسان، كلّ إنسان، ليستعيد كرامته وصورة الله فيه. وعلى مستوى الإنتشار، يعمل أبناؤها على شدّ روابطها مع الكنيسة الأمّ للحفاظ على وحدتها، ولتعزيز تنوّع حضورها في العالم.
   4) والكنيسة المارونية في شركة تامّة مع الكرسي الرسولي الروماني، ما أتاح لها تأدية رسالتها في بيئتها بحيوية وفعالية، من خلال انفتاحها على الغرب والإفادة من قدراته العلمية والفكرية. فكان أن أدّى الموارنة دوراً رياديّاً في نقل التراث الشرقي إلى الغرب والتراث الغربي إلى الشرق، ما جعل لبنان، بحكم موقعه الجغرافي ودور أبنائه، جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب.
   إنّ هذه الميزات الأربع توجب على الموارنة الإلتزام بالعمل المسكوني من أجل وحدة الكنائس بتنوّع تقاليدها الروحيّة والثقافيّة والإجتماعيّة والوطنيّة، وبالحوار مع الديانات، ولاسيّما الدين الإسلامي، حوار الحياة الإجتماعيّة والوطنيّة وحوار الثقافة والقضايا المصيريّة.
   8. إنَّ الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" يُذكّرنا بأن النهوض بلبنان مهمة مشتركة، وبأنَّ الجماعات المتنوّعة، من مسيحيين ومسلمين على اختلاف طوائفهم، التي تؤلِّف نسيجه الاجتماعي والوطني هي ثروة وفرادة (الفقرة 1). فلا بدّ من حفظ التعاون بالمساواة والتوازن فيما بينها، وفقاً لنص الدستور وروحه. فينبغي علينا أن نكوِّن رؤية واقعية للنهوض على أساس الوعي التاريخي للكيان اللبناني، وإدراك كل طائفة هويتها الخاصة بها والقيمة المتخصصة التي تقدّمها من اجل تحقيق هذا النهوض. إن هذه القيمة الخاصة هي التي تتكوّن من علاقة كل جماعة بالكيان اللبناني وميثاقه ورسالته، وفقاً لمراحل ومحطات من تاريخها تميَّزت به، ويتوارثها أبناؤها من جيل الى جيل. إنه من الضرورة بمكان أن تلتفت كل طائفة إلى وجدانها الوطني التاريخي في ضوء قيمتها وإرثها. عندئذٍ نستطيع إبرام عقد اجتماعي جديد، يجدّد الميثاق الوطني، ميثاق العيش معاً بالاحترام المتبادل والمساواة والتعاون، ميثاق تحييد لبنان عن المحاور الاقليمية والدولية، وميثاق تبنّي لبنان قضايا السلام والعدالة والديمقراطية في الاسرتَين العربية والدولية.
9. نرفع صلاتنا، إلى الله بشفاعة القديس مارون، لكي يُنير سبيلنا إلى ما فيه مجده وعزّة لبنان وخير شعبه. وإنّا نهتف مع الكنيسة المارونية إلى أبيها ومؤسسها:
باسمك دُعينا يا أبانــــــــا     وعليك وطّدنا رجانـــــا
كن في الضيقات ملجانا     واختم بالخير مسعانا
آمين







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.