البيان الختامي للدورة التاسعة والأربعين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان
بكركي، في 14 تشرين الثاني 201
لبنان, (ZENIT.org) فريق زينيت | 110 زيارة\زيارات
عدد: 144/2015
1. عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية التاسعة والأربعين في الصرح البطريركي في بكركي، من التاسع الى الرابع عشر من شهر تشرين الثاني 2015، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة، الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وبمشاركة أصحاب الغبطة غريغوريوس الثالث، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، ومار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، البطريرك الأنطاكي للسريان الكاثوليك، وكريكور بيدروس العشرين، بطريرك كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك على كرسي كيليكيا، وأصحاب السيادة المطارنة، وقدس الرؤساء العامين والرؤساء الأعلين، وحضرات الرئيسات العامات أعضاء المكتب الدائم للرهبانيات النسائية. وشارك في جلسة الافتتاح سيادة السفير البابوي، المطران غبريال كاتشا.
2. كان الموضوع الرئيسي للدورة "التعاون الراعوي بين الكنائس الكاثوليكية في لبنان". قدّم له رئيس المجلس بكلمة افتتاحية رحّب فيها بصاحب الغبطة كريكور بيدروس العشرين، بطريرك كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك على كرسي كيليكيا، مجددًا له التهنئة بمناسبة تبوئه السدة البطريركية. كما رحّب بسائر الأعضاء الجدد في المجلس (المطارنة: حنا رحمة، وبولس عبد الساتر، وجورج اسادوريان، والأم ماري أنطوانيت سعادة، والاب زياد حداد)، واستمطر رحمات الله على الأعضاء الذين انتقلوا الى جوار الربّ (البطريرك نرسيس بيدروس 19، والمطران فرنسيس البيسري، والمطران مارون صادر). ثمّ تحدّث عن أعمال الدورة وما تشتمل عليه من مواضيع راعوية تستدعي تعاون الكنائس في ما بينها، تعزيزًا لوحدتها ورسالتها المشتركة. ثم ذكّر بسينودس الأساقفة الروماني الذي انعقد في روما وما سيصدر عنه من توجيهات راعوية تخص دعوة العائلة ورسالتها في الكنيسة والعالم المعاصر. وتناول غبطته بالحديث يوبيل سنة الرحمة الذي دعا اليه قداسة البابا فرنسيس وحثّ على إحيائه في لبنان لينهل المؤمنون من ثماره. كما أشار الى الإرادة الرسولية حول التعديلات الجديدة التي ادخلها قداسة البابا على أصول المحاكمات القانونية في دعاوى بطلان الزواج.
3. ثمّ ألقى سعادة السفير البابوي كلمة أثنى فيها على الروح المجمعية التي تميّز الكنائس الشرقية أساسا، مذكّرًا بقول البابا فرنسيس بأنها التعبير الأوثق لدينامية الشركة التي تقود الى القرارات الكنسية. ثمّ تحدّث عن اسلوب البابا فرنسيس الذي يكلّم العالم بمثله وتواضعه كرجل سلام وحوار ومصالحة، وأشار الى رسالته بعنوان "لك التسبيح" في حماية البيئة . وتطرّق الى إعلان قداسته لسنة يوبيلية للرحمة تحت شعار "كونوا رحماء، كما أن أباكم السماوي رحيم" وما تتضمنّه هذه السنة من دعوة الى المسيحيين ليكونوا واحات رحمة حيث يتواجدون، ويضاعفوا أعمال الرحمة الجسدية والروحية. كما ذكّر بالمكانة الخاصة التي يحتلها لبنان في قلوب البابوات والكنيسة الكاثوليكية. فرسالة لبنان تبقى ذات قيمة كبرى لمستقبل الشرق الأوسط.
أولاً: موضوع الدورة
4. استمع أعضاء المجلس الى مداخلات قدّمها اساقفة وكهنة عالجوا فيها موضوع التعاون الراعوي بين الكنائس، مبيّنين أسسه اللاهوتية والكنسية، مذكرين بالإرشادين الرسوليين "رجاء جديد للبنان" و"الكنيسة في الشرق الأوسط" وبالرسائل الراعوية لبطاركة الشرق الكاثوليك. وقد ركز المتحدثون على أن المجمعية هي ميزة أصيلة في تراث الكنائس الشرقية، مما يتطلب التعاون في ما بينها، تأكيدًا لوحدة رسالتها. وطرحوا اقتراحات عملية تساعد الكنائس على تعزيز عملها الراعوي المشترك، بهدف رسم آليات العمل التي تفعّل الشركة الكنسية.
وتوقف الآباء عند وثائق ثلاث صدرت عن قداسة البابا فرنسيس خلال هذه السنة، الأولى عن إعلان السنة اليبويلية تحت شعار "كونوا رحماء كما أن أباكم السماوي رحيم"، والثانية رسالة "لك التسبيحّ" عن البيئة، والإرادة الرسولية "يسوع العطوف والرحيم" حول أصول المحاكمات في دعاوى بطلان الزواج . فبالنسبة الى السنة اليوبيلية التي تبدأ في الثامن من كانون الأول المقبل وتنتهي في العشرين من تشرين الثاني 2016، تداول الآباء في كيفية عيش المؤمنين روحانية هذه السنة اليوبيلية في الرحمة. وعن موضوع البيئة والاعتناء بالأرض، "بيتنا المشترك"، بحسب عبارة البابا فرنسيس، قرّر الآباء إدراج الموضوع بين مهام اللجنة الأسقفية لراعوية الصحة لتصبح "راعوية الصحة والبيئة". أمّا بالنسبة الى الإرادة الرسولية، فقد استمع المجلس الى سيادة المونسنيور بيو فيتو بينتو، عميد محكمة الروتا الرومانية، الذي شرح التعديلات التي أدخلتها الإرادة الرسولية على أصول المحاكمات في دعاوى بطلان الزواج، بهدف مساعدة أساقفة الأبرشيات والمحاكم الروحية على تطبيقها ابتداءً من الثامن من كانون الأول المقبل.
5. اطّلع المجلس على تقارير اللجان الأسقفية والهيئات التابعة له، وناقشوا أعمالها، وأعطوا بشأنها التوجيهات الملائمة، تعزيزًا لنشاطها ورسالتها في خدمة الكنيسة والمجتمع. وهذه اللجان والهيئات هي: كاريتاس لبنان، رابطة الأخويات، المرشدية العامة للسجون، تلفزيون تيليلوميير، اذاعة صوت المحبة، الأعمال الرسولية البابوية، مجلس الرؤساء العامين، ومكتب الرئيسات العامات، الشؤون القانونية والمحاكم الكنسية، اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، اللجنة الأسقفية للعلاقات المسكونية، لجنة العائلة، رابطة الأخويات، المرشدية العامة للسجون، كشافة ودليلات لبنان، لجنة العدالة والسلام، اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية، اللجنة الأسقفية لراعوية الخدمات الصحية، العمل الراعوي الجامعي، خدمة المحبة، رسالة العلمانيين، التعليم المسيحي، راعوية المهاجرين والمتنقلين.
ثانيًا: الأوضاع في لبنان والمنطقة
6. لقد آلم الآباء جدًا العمل الاجرامي بتفجيرين متتاليين في برج البراجنة اللذين أوقعا عشرات القتلى والجرحى من المواطنين الأبرياء، فهم يصلّون الى الله لراحة نفوس الضحايا وتعزية أهلهم، ويلتمسون الشفاء العاجل للجرحى، ويعربون عن إدانتهم الكبيرة لهذا العمل الإجرامي، داعين الجميع الى تضافر الجهود والقوى للمحافظة على الوحدة الداخلية، ولمحاربة الإرهاب.
كما آلمتهم العملية الإجرامية الهائلة التي ضربت العاصمة الفرنسية في أكثر من مكان ليلة أمس وأوقعت مئات القتلى والجرحى يفوق المئتين. إنّ الآباء، إذ يدينون أشدّ الإدانة هذه العملية الإرهابية، يقدّمون تعازيهم للدولة الفرنسية، رئيسًا وشعبًا، وأهل الضحايا، ويصلّون الى الله لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى وإحلال السلام. ويطالبون المجتمع الدولي بوضع حدّ للإرهاب والحروب والكفّ عن استغلال التنظيمات الإرهابية لمآرب خاصة.
7. ولا يسع الآباء إلاّ أن يعربوا عن ارتياحهم لانعقاد جلسة للمجلس النيابي في اليومين السابقين لإقرار ضرورات مالية ونقدية ووطنية لا تتحمّل التأجيل مع التأكيد على عدم إمكانية هذا المجلس أن يشرّع بغياب رئيس للجمهورية. وإنّهم يثنون على الجهود التي بذلتها القوى السياسية المسيحية لتوحيد الرؤية والمطلب، ولتأمين انعقاد هذه الجلسة. وقد تبيّنت قيمة وحدة هذه القوى على الصعيد الوطني العام. فيأمل الآباء أن تتشدّد أواصرها أكثر فأكثر باتّجاه انتخاب رئيس للجمهورية عملاً بأحكام الدستور، وسنّ قانون جديد للانتخابات.
ولا بدّ من التذكير بأنّ انتخاب الرئيس يشكّل الباب للعبور نحو الخير العام الذي يشمل النمو الإقتصادي والشؤون المعيشية والأمنية، وذلك من خلال ممارسة واعية ومتجددة للسلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية والقضائية. فلا يمكن القبول، باي شكل من الأشكال، أن تُمارَس هذه السلطات على مقياس المصالح الشخصية والفئوية والمذهبية، أو أن تُرْهَن بالنزاعات القائمة في المنطقة وفي الداخل بانتظار مصيرها ونتائجها.
8. تضمّ الكنيسة جهودها الى الإمكانات العامة الأخرى، من خلال إمكاناتها في ملاقاة الناس في أحوالهم الصعبة، فتفعّل مؤسساتها الراعوية والتربوية والإستشفائية والإجتماعية لهذه الغاية، ولن تتوانى عن واجب المحبة هذا، متّكلة على جودة الله. وهي تعرب عن تقديرها للمتطوعين والعاملين والعاملات في مؤسساتها وللمحسنين ولكل الذين يقومون بمبادرات شخصية لمساعدة الإخوة في حاجاتهم، بل ولكل المؤسسات الخيرية التي تخفف عن كاهل العائلات. وإنها تدعو الى دعم رابطة كاريتاس لبنان، جهاز الكنيسة الإجتماعي الرسمي، التي تعمل على صعيد كل المناطق اللبنانية وفي مختلف الشؤون الإجتماعية والإنسانية والإنمائية.
وفي الوقت عينه تطالب الكنيسة الدولة، وهي المسؤولة الأولى عن توفير العيش الكريم لمواطنيها وعن ضمان امنهم الإجتماعي والإقتصادي، لتقوم بواجبها الأساس هذا وبدفع ما يتوجب عليها من مترتبات مالية للمدارس المجانية والمستشفيات والمؤسسات الإجتماعية والإنسانية التي تتفانى الكنيسة من خلالها لخدمة الإنسان.
9. وفي ما يخص أمن المنطقة يرى الآباء أن تفاقم الأزمات والحروب في بلدان عدة من الشرق الأوسط، وما يتسبّب عنها من ويلات ومصائب بات مسؤولية دولية تتخطّى أحجام دول المنطقة وشعوبها. فإنهم، إذ يجددون إدانتهم العنف الذي يطال المسيحيين والمكوّنات الصغرى الأخرى في العراق وسوريا، يناشدون المجتمع الدولي والدول المعنية لأيقاف الحرب وإحلال السلام في منطقتنا، والتوصل الى حلول سياسية سلمية، بالاستناد الى القوانين الدولية التي تحفظ حقوق الشعوب والدول، وتصون وحدة أراضيها. كما يثمّنون مواقف الدول التي تستقبل النازحين من المنطقة، وتمد اليهم يد العون، ونخص بالذكر موقف لبنان المتميّز الذي يقع عليه عبء كبير. كما نثمن دور الكرسي الرسولي والدول التي تحرص على الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا الشرق، أو تدافع عن حقوق المسيحيين فيه كمواطنين أصيلين متساوين، وعودة النازحين الى ديارهم، مع التعويض عما فقدوه، والعيش آمنين كرماء في أوطانهم.
خاتمة
10. بمناسبة ذكرى الاستقلال القريبة، يأمل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان أن تكون مناسبة خيّرة تلهم الجميع للعمل على أن يستعيد لبنان عافيته فتتأمّن لشعبه ظروف الازدهار والرخاء. وفيما تعيش الكنيسة زمن الميلاد المجيد، يرفع الآباء دعاءهم الى المسيح، وجه الآب الرحيم، كي يُنعم على لبنان والمنطقة والعالم بالسلام، ويصلّون برجاء وطيد مع صاحب المزامير: "صرخوا الى الربّ في ضيقهم، فخلّصهم من شدائدهم. فلنحمد الربّ لأجل رحمته وعجائبه لبني البشر" (مز 107: 6، 8).
(16 نوفمبر 2015) © إينّوفاتيف ميديا إنك
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.