Arabes du Christ


" الهجرة المسيحية تحمل رسالة غير مباشرة للعالم بأن الإسلام لا يتقبل الآخر ولا يتعايش مع الآخر...مما ينعكس سلباً على الوجود الإسلامي في العالم، ولذلك فإن من مصلحة المسلمين، من أجل صورة الإسلام في العالم ان .... يحافظوا على الوجود المسيحي في العالم العربي وأن يحموه بجفون عيونهم، ...لأن ذلك هو حق من حقوقهم كمواطنين وكسابقين للمسلمين في هذه المنطقة." د. محمد السماك
L'emigration chretienne porte au monde un message indirecte :l'Islam ne tolere pas autrui et ne coexiste pas avec lui...ce qui se reflete negativement sur l'existence islamique dans le monde.Pour l'interet et l'image de l'Islam dans le monde, les musulmans doivent soigneusement proteger l'existence des chretiens dans le monde musulman.C'est leur droit ..(Dr.Md. Sammak)

mardi 17 avril 2012

الثورات العربية ومسيحيّو الشرق"، البطريرك الراعي



كلمة الراعي في المؤتمر 86 للمكتب الكاثوليكي الدولي للتعليم في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا

الفاتيكان، الاثنين 16 أبريل 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي كلمة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي في المؤتمر 86 للمكتب الكاثوليكي الدولي للتعليم في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا والذي عقد في دار سيدة الجبل في 12 أبريل 2012.
* * *

طرح الموضوع
1. يجري الكلامُ اليوم عن "الربيع العربي"، كنتيجةٍ منشودةٍ للثورات الجارية، ولكن بتفاوتٍ في الشكل والنوع، وتلاقٍ تقريباً في الأهداف، في مختلِف البلدان العربية، وهي، فضلاً عن العراق وفلسطين، تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وسورية والمغرب وعمّان والأردن. إنها ثوراتٌ ذاتُ تأثيراتٍ سياسية واقتصادية واجتماعية في الدول العربية الأخرى كالجزائر والسودان وموريتانيا والعربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة ولبنان.
في كلِّ هذه البلدان يُوجد جماعاتٌ مسيحية متفاوتة في العدد والطوائف، لكنّها في مُعظمها تعود إلى عهد السيد المسيح والرسل وأوائل عصور الكنيسة الناشئة. المسيحيون في هذه البلدان أصليّون وأصيلون، وطبعوا بثقافتِهم المسيحية الثقافاتِ المحلية، وأصبحتْ ثقافتُهم جزءاً جوهرياً من حضارات شعوبِ هذه البلدان. فلا يجوز النظر إليهم كأقلية، بل كمواطنين أصليّين لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات في بلدانهم.
فما هو تأثير الثوراتِ العربية على مسيحيّي الشرق، وما هو دورهم فيها وتجاهها، وماذا ينتظرون منها؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة، أطرحُ المعاييرَ التي تُقاس بها الثوراتُ من حيث الشكل والنتائج.
المعايير
2. يُحدِّد المُحلّلون أربعةَ معايير لهذه الإنتفاضات أو الثورات العربيّة، ويَقيسون بها نتائجَها الإيجابيةَ والسلبية على البلدان المذكورة. هذه النتائجُ لا تدخلُ في صميم الموضوع الذي أعالجه. المعايير الأربعة هي[1]:
أ. كسرُ حاجز الخوف النفساني الذي طالما قيَّد الحركات الشعبية، وصرفها عن محاولة التمرُّد، رغمَ الظروفِ القاسية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، التي كان يعيشها الشعب.
ب. أن تكون الإنتفاضة أو الثورة ذات طبيعة سلميّة، بحيث لا يضطرّ النظام الحاكم الى استخدام الوسائل القمعيّة أو السلاح لإفشال الثورات والمطالب.
ج. تَوَفُّر حدّ أدنى من التماسك الإجتماعي ومشاعر مشتركة للوحدة الوطنية بين مختلف مكوّنات المجتمع، لكي لا تؤثّر الفروقات الدينية أو العرقية أو السياسية في إضعاف حركات المطالبة بالإصلاحات وإلاّ بمقاومة النظام، وإفشال المقاومة الشعبية.
د. موقف الجيش من التمرّد الشعبي المدني، بحيث أنّه، إذا كان داعماً للحركات الشعبية أو متّخذاً موقفاً حيادياً منها، فثمّة فرصةٌ كبيرة لنجاح الثورة أو الانتفاضة، بينما إذا تبنّى موقف النظام الحاكم، فسوفَ يُنزِل خسائر جمّة في صفوف المتظاهرين، الأمر الذي ينعكس مباشرة على نتائج الإنتفاضات.
تأثير الثورات على المسيحيين ودورهم فيها
3. يتميّز المسيحيون في جميع البلدان العربية، بشهادة حكّام هذه البلدان، بأنّهم موالون للسلطة القائمة وللدولة، من دون أن يوالوا أنظمتها السياسية احتراماً منهم لأغلبية المواطنين المؤلّفة من المسلمين باختلاف مذاهبهم.
لكنّهم يتأثّرون مثل سواهم من المواطنين، ويعانون من الأزمات السياسية والامنية والإقتصادية والإجتماعية، ومن النواقص في الحريات العامة وحقوق الإنسان الأساسية، ومن جَور الأنظمة الإستبداديّة او الظالمة، ومن التمييز بين فئات المواطنينن لاعتبارات متنوّعة. ولذلك اضطرّ الكثيرون منهم إلى هجرة أوطانهم بحثاً عن حياة كريمة.
وإنّهم يشاطرون مواطنيهم بما يطالبون به، أعني: الحقوق التي تعود لهم لكي يعيشوا في جوّ من الديموقراطية واحترام كرامة الإنسان والمشاركة في الشأن العام؛ وينعموا بحياة إقتصادية وإجتماعية وثقافية كافية وكريمة؛ ويساهموا في تنمية أوطانهم وتحقيق ذواتهم فيها، وتحفيز قدراتهم وإمكاناتهم على أرضها.
غير أنّهم يرفضون اللجوء إلى العنف واستخدام السلاح، بحكم ثقافتهم، ويؤثرون الوسائل السلميّة كالحوار والتفاوض وحلول التسوية.
دور المسيحيين تجاهها
4. لا يقف المسيحيون موقف المتفرّج تجاه الثورات والإنتفاضات، بل عليهم أن يعملوا جاهدين من أجل السلام والتفاهم وإحلال العدالة الشاملة، وأن يعيشوا الشركة والتضامن فيما بينهم ومع سائر مواطنيهم، ويشهدوا لمحبة المسيح الإجتماعية، بما يقومون به من خدمات تربوية وإجتماعية وإنمائية، بمبادرات خاصة، إلى جانب مؤسسات الكنيسة التربوية والاستشفائية والاجتماعية والراعوية. إن الإرشاد الرسولي في أعقاب جمعية سينودس الاساقفة الروماني الخاص بالشرق الأوسط، الذي سيوقّعه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر ويوزّعه، اثناء زيارته الراعوية إلى لبنان من 14 الى 16 أيلول المقبل، سيشكّل في مضمونه برنامج عمل على هذا الصعيد. وسيَعقُد لهذه الغاية بطاركةُ الكنائس الشرقية وأساقفتها في العالم العربي والشرق الاوسط، إجتماعاً في لبنان، في أوائل كانون الأول 2012، لوضع خطة عمل تطبيقية مشتركة.
5. لا يمكن النظر إلى المسيحيين كأقليّة في بلدانهم، بل يجب النظر إليهم كمواطنين أصيلين وأصليين في عالمهم العربي، وبهذه الصفة هم مثل غيرهم من المواطنين العرب، وهم معهم أغلبية؛ وكروّاد فكر وحضارة في بلدانهم، وليسوا على هامش التاريخ في المنطقة؛ وكلاعبي دور سياسي ووطني، في بلدانهم، وقد نشروا مشاريع التحرّر والاستقلال والوحدة في المحيط العربي. فلم تتغلّب "مسيحيتهم" على عروبتهم ووطنيتهم، بل كانت ثقافة "العيش المشترك" فلسفتهم الجامعة؛ وعلى المستوى المسيحي، كأعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة الحاضرة من خلالهم بكل هويتها ورسالتها.
فيما يُنتظر "الربيع العربي" الذي سينتج عن الأحداث والانتفاضات والثورات، ينبغي على المسيحيين أن يُحققوا "الربيع المسيحي" بحيث يؤدّون دورهم في السعي إلى نبذ العنف والعمل على تعزيز التفاهم والتسوية بالحوار والمؤتمرات الرسمية. وعليهم أن يحافظوا على وجودهم في بلدانهم وعلى أراضهم، ويواصلوا ماضيهم في حاضرهم. فيرفعوا لواء العروبة كحضارة وتراث وعيش مشترك، وانفتاح على قيم الحداثة، وقبول التحدّي الديمقراطي في انتاج التنوّع الحرّ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري؛ ويتابعوا النهضة العربية التي حققها اجدادهم، في اوائل القرن التاسع عشر، على يد كوكبة من مئات رجالات الأدب والثقافة والفكر، أسماؤهم معروفة ولا مجال لتعدادها هنا. لم يقتصر نتاج المسيحيين على القطاع الادبي، بل شمل كل مجالات الفن أيضاً. نستطيع أن نتساءل أمام هجرة المسيحيين من أوطانهم العربية والحدّ من دورهم الفاعل: كيف يمكن أن تكون الثقافة العربية عربية من دونهم، وأية ثقافة ستكون؟ وأية مجتمعات عربية وإسلامية ستكون من دون الحضارة المسيحية، التي كانت في أساس تكوينها؟
إن الصراع المذهبي القائم أقليمياً مع ارتباطات دولية، يحتاج إلى الوجود المسيحي كعنصر إجتماعي وحيد يمكنه أن يضع التمايزات الطائفية على معيار وطني جامع، وأن يحمي العروبة، ويحمي الدين نفسه من التمزّق الطائفي.
ماذا ينتظرون؟
 إنَّ ما ينتظره المسيحيون من الثورات والانتفاضات والمطالب يدور حول ما يلي:
أ- حماية العيش المشترك، لا كمجرّد تواجد حسّي، بل تعزيز المشاركة في الحياة والترابط والتفاعل في الهوية الثقافية والروحية مع مواطنيهم، وكمسؤولية متبادلة عن بعضهم البعض.
ب- البلوغ في بلدانهم إلى الدولة المدنية التي تفصل بين الدين والدولة، ولا تكون الدولة دينية وتميّز بين المواطنين على مستوى انتمائهم الديني، بل تعتمد المواطنة كأساس.
ج- المشاركة السياسية في الحياة العامة على أساس المواطنة، بحيث يتمثَّل المسيحيون في الحكم والإدارة، لكي يساهموافي إنماء مجتمعاتهم بما أوتوا من قدرات ومواهب وإمكانيات.
د- تَوَفُّر الأمن الاجتماعي والغذائي، لكي يتمكّن الجميع من العيش بطمأنينة ويحققوا ذواتهم. فالأمن حق لك مواطن، والدولة مسؤولة عن توفيره. توفير الأمن لا يعني حماية الأقلية من قبل الأغلبية، بل يعني الحق الأساسي والمشترك للجميع.
ه- إحترام الحريات العامة والأساسية، ولاسيما حرية العبادة والمعتقد والتعبير والرأي، وتعزيزها. فالحرية هي أوكسجين المواطن والمؤمن، وهي من صميم الثقافة المسيحية، وتشكّل ثابتة أساسية عندهم على المستوى الاجتماعي والسياسي والديني.
و- الاعتراف بالتنوّع وقبول الآخر المختلف في الدين والرأي والانتماء. فالتنوّع ثروة وغنى في المجتمعات، ومُكوِّن لهوية كل بلد وشعب. وبالتالي رفضْ كل أشكال التمييز والتعصّب ونبذ الآخر والخوف والحذر من الآخر والتقوقع على الذات. وأيضاً معرفة الآخر كما يُريد هو أن يُعرف وأن يُعرِّف بنفسه.
ز- إحلال النظام الديمقراطي القائم على احترام إرادة الشعب وتطلعاته، وعلى تداول السلطة، وتعزيز الحريات العامة، واحترام حقوق الانسان وكرامة الشخص البشري، واعتماد أسلوب الحوار والتشاور والتوافق.
ح- إجراء تعديل في التشريعات التي تُميّز بين المسلمين والمسيحيين في حقوق هؤلاء بتشريعات خاصة بأحوالهم الشخصية، ولا سيما ما يختصّ بالزواج ومفاعيله القانونية، والزيجات المختلطة وصلاحيات محاكمهم الروحية، والإرث والتوارث من حيث المساواة بين الزوجين، أياً كان انتماؤهما الديني، وبناء الكنائس وترميمها[2](2).
ط- تمتين روابط الأسرة العربية، بحيث تُوحِّد قواها الاقتصادية والاجتماعية والانمائية والحضارية، وتستعيد دورها الفاعل في الأسرة الدولية.
الخاتمة
6. اودُّ أن أهنّئ منظّمي هذا المؤتمر وأشكر كل المشاركين فيه والمحاضرين من لبنان والخارج، مع شكر خاص لحضرة الأب مروان تابت، الأمين العام للمكتب الكاثوليكي الدولي في الشرق الاوسط وشمالي أفريقيا، الذي وجّه إليَّ الدعوة باسمكم للمشاركة فيه. أتمنّى لأعمال هذا المؤتمر النجاح، لخير مجتمعاتنا وأزدهارها ووحدتها وسلامها، وتعزيز دور المسيحيين فيها.


JTK = Envoyé de mon iPad.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.