في أحوال المسيحيين السوريين
فايز سارة - 25/08/2012 - 00:00:00
السفير
اثيرت في الفترة الاخيرة زوبعة اعلامية حول وضع المسيحيين في سوريا، والجوهري في هذه الزوبعة، اختلاف اساسه الاجابة عن سؤال، عما اذا تعرض المسيحيون السوريون للاضطهاد وللعنف في خلال الاحداث التي تشهدها البلاد منذ آذار (مارس) 2011، وانقسم المشاركون في ما اثارته الزوبعة من معلومات ونقاشات وتعقيبات الى فريقين، اولهما فريق أكد ان المسيحيين كانوا هدفاً لاعمال اضطهاد وعنف، اما الفريق الاخر فرفض تلك المقولة، مؤكداً ان المسيحيين لم يكونوا اهدافاً للاضطهاد والعنف، والامر في الحالتين يتعلق من جهة بالمسيحيين بالمعنى الديني، وبالعنف الذي تمارسه»المعارضة المسلحة» سواء جرى وصفها بـ«العصابات المسلحة والارهابية» وما الى ذلك، وصولاً الى «الجيش السوري الحر».
وقبل الدخول في ما اثارته الزوبعة حول المسيحيين السوريين، لا بد من اشارات تتعلق بالوجود المسيحي في سوريا، وهو وجود اساسي في البنيان السكاني الحضاري والثقافي للبلاد. ورغم ان نسبة المسيحيين لا تتجاوز العشرة بالمئة الا قليلاً بحسب اكثر التقديرات شيوعاً، ما يعني ان عددهم يزيد قليلاً من مليوني نسمة، الا ان المسيحيين حاضرون في طول البلاد وعرضها، ومتغلغلون في النسيج العام للسكان، ولهم حضور ملموس في الحياة العامة بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي الانشطة المختلفة الخدماتية والانتاجية، وهو حضور يؤكد ان المسيحيين السوريين ليسوا اقلية محصورة أو طائفة منعزلة على نحو ما يركز الذين يتناولون الوضع في سورية باعتباره حشداً او مجمعاً من الاقليات والطوائف. اول الادعاءات حول المسيحية السورية، انها تتعرض للاضطهاد من جانب مواطنيها المسلمين وخاصة المسلحين، الامر الذي يمثل كذبة كبرى في فكرته، وفي تفاصيل التي يقال ان بينها توجيه تهديدات للمسيحيين لاجبارهم على مغادرة مناطق يسكنونها او اماكن يشتغلون فيها، وهو امر عار عن الصحة اليوم كما كان دائماً، ويتماثل مع اكذوبة قتل مسيحيين بما فيهم احد رجال الدين المسيحي، على نحو ما اشيع في حمص قبل اشهر، وكذلك اكذوبة الاعتداء على كنائس وتدميرها من جانب مسلمين، وكلها اتهامات جرى تفنيدها بالواقع وشارك في ذلك مسيحيون وبينهم رجال دين ومؤسسات مسيحية.
كما بين الادعاءات القول بوقوف المسيحيين على الحياد في ما تشهده سورية من تطورات، وهو ادعاء غير صحيح، يسعى الى تقديم المسيحيين كأنهم خارج الحياة بخلاف الواقع الذي يبين ان المسيحيين كغيرهم من السوريين، وقف بعضهم مع النظام وآخرين وقفوا مع المعارضة، وبين الناشطين السوريين في المعارضة السياسية والناشطين الميدانيين عشرات المسيحيين بينهم شباب ورجال ونساء في مختلف المناطق، وهناك العديد من المسيحيين الذين سقطوا في الاحداث في حمص ودمشق واماكن اخرى، بل يمكن القول، ان مشاركة المسيحيين الكثيفة في الحراك الشعبي هي مشاركة ملموسة على نحو ما كان عليه الحال في حمص ويبرود واماكن اخرى. وثمة مزاعم جرى تداولها على نطاق واسع، تتعلق بخوف المسيحيين الزائد من التغييرات المحتملة في البلاد، والتي يمكن ان تحمل الى السلطة اسلاميين متشددين، يمنعون المسيحيين من اداء شعائرهم الدينية، ويضيقون على حياتهم وخصوصياتهم الثقافية والاجتماعية. ورغم ان احتمال ان يكون الاسلاميين المتشددين هم ورثة السلطة الحالية في النظام المقبل بعيد عن الحقيقة بسبب التغييرات المرتقبة في قواعد بناء السلطة المنتظرة، فان الاسلاميين في سوريا هم الابعد عن التشدد والتطرف، ولا يمكن ان يكون الاسلام السوري اسلاماً متطرفا وخاصة في علاقته مع المسيحيين.
Envoyé de mon iPad jtk
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.