اختتمت أعمال سينودس الكنيسة البطريركية للروم الملكيين الكاثوليك في عين تراز بليتورجيا قداس احتفل به الآباء المشاركون صباح يوم السبت 20 حزيران ورفعوا الأدعية "من أجل أن يزيل الله تعالى الغيمة السوداء التي تخيم على منطقتنا راجين أن تتابع الجهود الحثيثة لإحلال السلام في المنطقة، وزيادة اللحمة والوفاق بين أبنائها المسحيين والمسلمين"، داعين الجميع إلى "التآخي والتضامن وعيش الوحدة والمحبة".

وتقدموا من المسلمين في كل البلدان العربية والعالم بالتهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، راجين أن "تعم قيم هذا العيد على جميع الفرقاء ولا سيما المتحاربين فيوقفون القتل والدمار وينشدون المحبة والسلام".

وأصدروا نداء عن "الجهود المبذولة على مستوى الكنائس شرقا وغربا، لأجل تثبيت وتوحيد تاريخ مشترك لعيد القيامة المجيدة"، ونداء آخر عن "الأزمة في سوريا وأهمية دور الكنيسة في بذل المساعي لاجل تحقيق السلام في المنطقة".

ودعوا "جميع المؤمنين إلى التشبث بأرضهم والبقاء في هذه الأرض، مهد المسيحية وأن يتعظوا بكلمات المخلص: "لا تخف أيها القطيع الصغير"، فيستمرون في شهادتهم ويكونون نورا وملحا وخميرة".

وصدر بيان أشار إلى أن "بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم غريغوريوس الثالث لحام كان افتتح عند العاشرة من قبل ظهر الإثنين الماضي أعمال السينودس في المقر البطريركي الصيفي - عين تراز بالصلاة إلى الروح القدس بمشاركة أعضاء المجمع، واستهل أعمال السينودس بكلمة نوه فيها باللقاء السنوي الذي يجمع أساقفة كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك من سائر الأبرشيات "ليعملوا بوحي الروح القدس ويفكروا معا لحمل آمال جديدة إلى أبناء رعاياهم لاسيما في الأزمة الراهنة وخصوصا في سورية". وتوجه بكلمة "تشجيعية إلى أبناء كنيستنا"، مستندا فيها إلى "الرسالة التي وجهها قداسة البابا فرنسيس إلى مسيحيي الشرق الأوسط، في مناسبة عيد الميلاد المجيد من السنة الماضية"، مستحضرا بعض الأفكار التي وردت فيها "خصوصا دعوة قداسته المسيحيين ليكونوا أداة حوار وصانعي سلام وسبيل مصالحة، لكونهم الكنز الأثمن بالنسبة للمنطقة". وعرض لأهم المواضيع التي سيتطرق إليها السينودس على الصعيد الروحي والإداري والقانوني والرعوي والليتورجي، معلنا أن "الموضوع الأهم سيطال وضع العائلة ومدى انعكاس واقعها على الكنيسة والمجتمع".

وقال البيان: "نوه البطريرك بالوحدة والشراكة التي تجمع بين بطاركة الشرق كافة. فهي بالغة الأهمية، وهي شهادة روحية إيجابية وذات دلالة مسكونية كبيرة في المنطقة، التي بات أبناؤها على اختلاف انتماءاتهم يتقاسمون "مسكونية الدم" على حسب تعبير قداسة البابا فرنسيس. وتطرق إلى الأوضاع المأساوية التي تعانيها بلادنا المشرقية، خصوصا سوريا والعراق، شاكرا قداسة البابا ومجمع الكنائس الشرقية والمؤسسات المسيحية المختلفة، والكاثوليكية منها بشكل خاص، على تضامنهم معنا ودعمهم لبلادنا وشعبنا، مطلقا الصوت لحث الجميع لينضموا إلى مسيرة القيامة والحياة. وختم برفع الشكر لله على إعلان قداسة راهبتين فلسطينيتين في هذا الظرف العصيب من حياتنا كمسحيين شرقيين، معتبرا ذلك بمثابة نعمة كبيرة للكنيسة والعالم العربي بالتحديد، وهما مريم يسوع المصلوب والمدعوة مريم العربية، إبنة الجليل، ومن كنيسة الروم الكاثوليك، وماري ألفونسين غطاس مؤسسة راهبات الوردية وهي من القدس ومن جذور روم كاثوليك".

أضاف: "قبل مباشرة أعمال السينودس، إستقبل الآباء في المقر البطريركي، تمثال "عذراء فاطيما" الذي يطوف به في لبنان، في زيارة تاريخية. وصلوا مع وفود المؤمنين الآتين من القرى والبلدات المجاورة، ملتمسين شفاعتها لأجل السلام في لبنان والمنطقة، ومودعين أعمال المجمع المقدس تحت حمايتها. هذا وأجرى آباء المجمع خلوة روحية، ألقى خلالها الأب الياس آغيا البولسي عظة روحية حول شخصية السيد المسيح له المجد، تعمقوا من خلالها بالصفات التي أطلقها يسوع على نفسه، والتي ينبغي أن يحياها كل راع في خدمته لأبناء رعيته.

وقال: "اتخذ سينودس هذا العام طابعا مسكونيا مميزا. فكما زار سينودسنا في العام الماضي غبطة البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، فرحنا باستقبال غبطة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني كريم بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، مع الوفد المرافق، في زيارة تاريخية إلى مجمعنا اعتبرت استكمالا للعمل المشترك والتفكير المتبادل لتقريب المسافات وتخطي العقبات لخير الكنيستين. هذا وقد سبقت هذه الزيارة، زيارة أجراها غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث مع عدد من أساقفة كنيستنا، إلى المقر البطريركي في معرة صيدنايا، إبان انعقاد سينودس كنيسة السريان الأرثوذكس".

أضاف: "كالعادة استقبل آباء السينودس السفير البابوي سيادة المطران غبريليه كاتشيا الذي شاركهم في جلسة خاصة، نقل خلالها تحيات قداسة البابا فرنسيس وبركته للمجتمعين. فبادله الآباء رفع الشكر والتحية لشخصه ومن خلاله لقداسة البابا، ومحملين إياه رسالة شراكة ومحبة، معبرين فيها عن الامتنان العميق لمواقف قداسته الداعمة والمشجعة لأبناء المنطقة، مثنين على وقوفه جنبا إلى جنب مع الإنسانية المهمشة والمعذبة، ومثمنين المبادرة التي أطلقها بشأن تحديد وتثبيت تاريخ مشترك لعيد القيامة المجيدة، ودعوا المؤمنين إلى الصلاة لأجل تحقيق هذه الأمنية الغالية على قلوب جميع المسيحيين. أما أهم المواضيع التي تناولها المجمع فكانت وضع العائلة في مجتمعنا، إذ قدم قدس الأباتي سمعان أبو عبدو، حديثا لآباء المجمع سلط فيه الضوء على التحديات الكبيرة التي تعاني منها هذه الأسرة، ومن ذلك تحدي الحب بمفهومه المسيحي، والأزمة الاقتصادية، وغياب وجود الله في حياة العائلة، والحوار المفقود بين أفراد الأسرة الواحدة، والإعداد اللازم للزواج، والإعلام والإعلان في المجتمع الاستهلاكي الذي يعيشه إنسان اليوم. وقد أكد الآباء، على ضرورة العمل على تأسيس مراكز التنشئة المسيحية في الأبرشيات والرعايا والمدارس، لتهتم بشكل خاص بالتعليم المسيحي، والعمل على إطلاق كرازة جديدة للعائلة، مشجعين على إنشاء مراكز للإصغاء تساعد العائلات على تخطي مشاكلها. وفي الإطار عينه، طالب الآباء الحكومات بالعمل الجدي على إيجاد خطط لتطوير وتحسين وضع العائلة في مجتمعاتها. وأكدوا على دور الكنيسة في مرافقة المتقدمين من سر الزواج، وضرورة التمسك بالدورات الإعدادية للزواج وإلزامية إجرائها، ومرافقة العائلات الحديثة منها، وذلك بتأسيس جماعات عيلية في الأبرشيات".

وتابع: "استعرض الآباء واقع الأبرشيات. وتوقفوا مطولا عند وضع الأبرشيات في سورية، التي تضررت كثيرا في جميع قطاعاتها، من جراء الأحداث الدامية الجارية، والتي دخلت عامها الخامس. وتداعوا إلى مد يد العون لمساعدتها على مجابهة الأزمة في مختلف وجوهها وإلى استنهاض همة أبنائنا وبذل المساعي المحلية والعالمية للمساعدة، مناشدين لذلك المجتمع الدولي وكل قادر، فردا كان أم مؤسسة، وداعين إلى الاهتمام بالنازحين الذين بلغت أعدادهم الملايين، ويعيش العدد الأكبر منهم في ظروف تفتقر إلى أدنى حدود الكرامة الإنسانية والحياتية. وفي الإطار عينه، ناقش الآباء الأزمة المقلقة المخيمة على المنطقة عامة، وأبدوا ألمهم من جراء ما يجري فيها، داعين الجميع، إلى الاهتمام برفع الظلم عن أهلها، الذين يعيشون ظروفا حياتية صعبة. لذلك دعا الآباء جميع الأطراف في المنطقة عموما، إلى نبذ العنف ورمي السلاح، والسعي إلى الحوار والتلاقي لوضع خطة إنقاذية سريعة وتفضيل المصالحة على كل مصلحة. كما دعوا الدول الكبرى الضالعة في الأزمة الشرق أوسطية إلى التوقف عن توريد الأسلحة والمال والمسلحين، والعمل بجدية لاستعادة الأمن والسلام والازدهار، وشحذ الهمم لإعادة الإعمار. محفزين المغتربين من أبناء الكنيسة لأن يكونوا سفراء بلدانهم في مناطق انتشارهم، وأن يشكلوا قوة ضاغطة لإعادة السلام، ويهبوا إلى مساعدة أهلهم لأجل الصمود في أرضهم. كما رفع الآباء الصلاة من أجل الشهداء والمخطوفين والأسرى، من كل المذاهب والأديان، ذاكرين بنوع خاص المطرانين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم والكهنة والمخطوفين كافة".

وقال: "لم يغب عن تفكير آباء المجمع، الوضع في فلسطين، فقد صلوا من أجل إحلال السلام في ربوعها، شاكرين قداسة البابا ودولة الفاتيكان على الاعتراف بدولة فلسطين، وقد رفع درجة التمثيل من قاصد رسولي إلى سفير بابوي. واستعرض الآباء أيضا وضع البطريركية في مصر والسودان، وكانت فرصة سانحة لتهنئة مصر برئيسها المشير عبد الفتاح السيسي راجين لمصر مرحلة جديدة من التآخي والأمن والأمان. كما أعربوا عن مشاركة المصريين فرحتهم بافتتاح قناة السويس في شهر آب المقبل، وهو حدث تاريخي استغرق عشرة أشهر وتحقق من خلال موارد مصرية وشعبية. واستمع الآباء أيضا إلى تقارير متعددة عن شؤون أبناء كنيستنا في بلاد الانتشار، قدمها مطارنتنا هناك، الذين اجتمعوا في أثناء انعقاد السينودس لبحث مواضيع تخص أبرشيات الانتشار".

أضاف: "هذا وتوقف الآباء عند الوضع اللبناني الحرج، في ظل الفراغ الرئاسي وما ينجم عنه من عواقب مقلقة على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، وعلى مستوى مؤسسات الدولة وسير عملها. ودعوا المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية للحفاظ على الدستور، إذ بدونه لا قيام للدولة ولا انتظام للمؤسسات. وقد بارك الآباء لقاءات الحوار بين القيادات وشجعوا على متابعتها على كل الأصعدة. وعبروا عن دعمهم للجيش والقوى الأمنية في عملها، شاكرين لهم سهرهم على الأمن في البلاد ومصلين لراحة نفوس الشهداء. وتوقفوا عند حقوق وواجبات أبناء طائفتنا في الوظائف والإدارات العامة، كون الروم الكاثوليك من الطوائف الكيانية المؤسسة للبنان. وحثوا المسؤولين، من وزراء ونواب وفعاليات في الطائفة وخارجها، أن يطالبوا باستعادة مواقع الروم الكاثوليك في المؤسسات والإدارات، خدمة للتنوع الديني والحضاري والوجودي والحواري المكون للبنان. داعين أبناء كنيستنا إلى التضامن، لأن قوتنا بوحدتنا، مشجعين إياهم على الصمود والبقاء، والانخراط في الجيش والقوى الأمنية وإدارات الدولة. كذلك استمع آباء المجمع إلى تقرير عن إكليريكية القديسة حنة في الربوة، قدمه رئيسها الأرشمندريت نعيم الغربي فناقشوه وأبدوا ملاحظاتهم مشددين على ضرورة البحث الجدي عن الدعوات الكهنوتية والاهتمام بها من أجل خير كنيستنا ومستقبلها، ووضعوا بعض التوصيات بخصوص تنشئة الإكلريكيين، وتطويرها مع متطلبات العصر ومستجداته".

وتابع: "ناقش الآباء قضايا قانونية وراعوية، خصوصا تلك المتعلقة بالاحتفال بسر الزواج ووضع العائلة، على أن ترفع خلاصة الأعمال، باسم مجمعنا، إلى المشتركين في السينودس المنوي عقده في روما في تشرين الأول المقبل والمخصص للعائلة حيث سيشارك فيه غبطة البطريرك والمطران جورج بقعوني. وناقش الآباء الوضع في أبرشية الأردن، وقدم سيادة المدبر البطريركي المطران إيلي بشارة الحداد تقريرا حول الأبرشية، واستمعوا إلى كلمة المطران ياسر عياش. وتقرر أن يتابع المدبر البطريركي عمله في إدارة الأبرشية حتى انتخاب مطران جديد. أعلن الآباء تمسكهم بعدم بيع الأراضي والممتلكات الكنسية. وتدارسوا في هذا الصدد مشروع وضع نظام ضابط لبيع ممتلكات وأراضي الكنيسة وانتقال ملكيتها. على أن تراعى في ذلك القوانين الكنسية وتوجيهات الكرسي الرسولي، بحيث تؤمن تلك العمليات خدمة المؤمنين ونشاطات الكنيسة. إنتخب السينودس ثلاثية (مؤلفة من ثلاثة أسماء) لأبرشية فنزويلا، رفعت إلى الكرسي الرسولي. كما تقرر تعيين سيادة المطران جورج بكر، النائب البطريركي في مصر والسودان، عضوا في الصندوق الطائفي العمومي، الذي يرأسه سيادة المطران عصام يوحنا درويش إلى جانب المطرانين جاورجيوس (إدوار) ضاهر وبولس برخش. وانتخب الآباء المطران جورج بقعوني رئيس أساقفة عكا وحيفا والناصرة للمشاركة في سينودس العائلة في تشرين الأول المقبل".

وختم البيان: "قرر الآباء، تلبية لتقوى المؤمنين، وخدمة للعمل المسكوني عن طريق القداسة، إدخال أعياد قديسين من مختلف الطوائف الشرقية والغربية، في روزنامة كنيستنا الطقسية. فتمت الموافقة على اللائحة التالية يعيد لقديسيها بحسب ما هو مقرر في طقس كنيستهم الأصلية، على أن توضع لهم بعض الصلوات الخاصة بهم وهم شربل فرنسيس الأسيزي، رفقا، ريتا، نعمة الله الحرديني، دون بوسكو، إغناطيوس ده لويولا، تريز الأفيلية، البابا يوحنا بولس 2، تريز الطفل يسوع، البابا يوحنا 23، منصور ده بول، مريم يسوع المصلوب والقديسة ألفونسين".