Arabes du Christ


" الهجرة المسيحية تحمل رسالة غير مباشرة للعالم بأن الإسلام لا يتقبل الآخر ولا يتعايش مع الآخر...مما ينعكس سلباً على الوجود الإسلامي في العالم، ولذلك فإن من مصلحة المسلمين، من أجل صورة الإسلام في العالم ان .... يحافظوا على الوجود المسيحي في العالم العربي وأن يحموه بجفون عيونهم، ...لأن ذلك هو حق من حقوقهم كمواطنين وكسابقين للمسلمين في هذه المنطقة." د. محمد السماك
L'emigration chretienne porte au monde un message indirecte :l'Islam ne tolere pas autrui et ne coexiste pas avec lui...ce qui se reflete negativement sur l'existence islamique dans le monde.Pour l'interet et l'image de l'Islam dans le monde, les musulmans doivent soigneusement proteger l'existence des chretiens dans le monde musulman.C'est leur droit ..(Dr.Md. Sammak)

jeudi 13 décembre 2012

Intervention du Patriarche Maronite au congrès sur les sites religieux archéologiques à Raboueh

Significations historiques des couvents , des églises et des grottes , et leurs influences socio-culturelles et politiques au Liban ...


مداخلة البطريرك الراعي - "الدلالات التاريخية للاديرة والكنائس والمغاور الدينية المسيحية ودورها السياسي وأثرها الاجتماعي والثقافي والسياسي في لبنان"

الربوة - الخميس 13 ديسمبر 2012

الربوة، الخميس 13 ديسمبر 2012 (ZENIT.org). – ظاهرة انتشار الأديرة والكنائس والمغاور الدينية المسيحية انتشاراً مكثّفاً في كل ناحية من الرقعة الجغرافية التي يقوم عليها الوطن اللبناني، من الساحل إلى سلسلتيْ الجبال الغربية والشرقية وما يمتدّ بينهما من سهول داخلية، لها دلالاتها.

1.الدلالة الاولى : تجذّر المسيحية وأصالتها في لبنان

ليست المسيحية بالأمر الغريب الطارئ على لبنان. فقد تماهى تاريخها وتاريخ هذه الأرض منذ القديم. والبراهين على هذا التماهي عديدة.

1- عرف لبنان المسيحية منذ بدايتها، اذ كان منفتحًا عليها ببروز اسم لبنان وأرزه، منذ ما قبل المسيحية، حوالي 96 مرّة في الكتاب المقدّس، ما جعل المسيحية في لبنان متماهية مع معالمه ورموزه المقدّسة. يصف الكتاب أرض لبنان بأرض الإيمان والجمال المضمّخة بحضور الله وبركته وما ينتج عنهما من عُرف طهرٍ وقداسة.

2- في مستهلّ العهد الجديد، جاء المسيح نفسه وقدّس أرض لبنان. نشير إلى التقاليد الشعبية الراسخة في المنطقة: سيدة المنطرة حيث يقول التقليد أن العذراء مريم كانت تلتقي ابنها الإلهي هناك. قانا وما يحيط بها وبمعالمها المحفورة في الصخر من دلالات غذّاها الإيمان الشعبي وخيال الفنّانين وما نسجته أقلام الكتّاب على مرّ العصور. في إنجيل متى نقرأ : "ثم خرج يسوع من هناك وذهب إلى نواحي صور وصيدا..." مُتبعاً ذلك بسرد المعجزة التي اجترحها وشفى بها ابنة الكنعانية.(متى 21:15)

       3- مرّ الرسل والتلاميذ بلبنان وانطلقوا منه إلى انطاكية فالى العالم بأسره. يروي لنا كتاب أعمال الرسل (21: 1-7 )، على سبيل المثال، كيف جاء رسول الأمم بولس إلى صور سنة 58 فوجد التلاميذ هناك وأقام فيها سبعة أيام.

       4- اعتنق عدد من سكان لبنان المسيحية في مرحلة مبكرة، لاسيّما في الساحل صعوداً الى سفوح الجبل وأواسطه. والدليل على ذلك حضور اثنيْ عشر أسقفاً من المدن اللبنانية الرئيسية في مجمع خلقيدونيا المسكوني.

       5- منذ عهد القديس يوحنا فم الذهب الذي دعا المرسلين إلى محاربة الوثنية في أعالي جبل لبنان، ولاسيّما على عهد القديس مارون (+410 ) وتلاميذه، زادت المسيحية من انتشارها في الجبال اللبنانية، فتحوّلت المعالم من الوثنية إلى المسيحية، على غرار نهر أدونيس الذي أصبح نهر ابرهيم تيمّناً بالناسك ابرهيم القورشي الذي بشّر منطقة المنيطرة، كما يخبرنا الاسقف تيودوريطس القورشي في كتابه: تاريخ أصفياء الله. بفعل هذا التبشير، تحوّلت المعالم من معابد للزهرة وعشتروت وادونيس في أفقا ويانوح إلى مزارات على اسم السيدة العذراء ومار جرجس الأزرق ومار أدنا وغيرهم...

       نستخلص أن المسيحية عميقة الجذور في لبنان. حفلت أرضه بالأديرة والكنائس منذ عهود بعيدة ولا تزال معالمها قائمة على الرغم من التطورات والتبدّلات العمرانية التي مرّت عليها. بل، إن بعضها لا يزال قائماً ويحتفظ بحلته القديمة أو ببعض معالمها والكتابات والنقوش. والبعض الآخر اضيف عليه تراكم تراثي خاضع لسُنّة الاستمرارية التي تتضمّن ثباتاً وتطوّراً في آن معاً.

الدلالة الثانية : التناغم بين المسيحية وطبيعة لبنان

كان للمغاور دور رئيسي في مسيرة المسيحية في لبنان؛ والأمر غني بالمعاني والعبر:

1- العبرة الأولى مكانة الزهد والنسك في النظام الأدبي المسيحي. لم يستهوِ المسيحية في لبنان غنى موارده الطبيعية، بقدر ما استهواها تأمين طبيعته لمعتنقيها إمكان ممارسة إيمانهم بحرية وكرامة. لم يولِ سلّم القيم الذي تميّزت به المسيحية في لبنان، أقلّه في بداياتها، المكانة الأولى للتنعّم بالرفاهية. تلاءمت المغاور مع تقدير المسيحية لحياة النسك والزهد والتقشّف. ولم تغبْ إماتة الميول التوّاقة إلى أباطيل الدنيا، والتضحية بأمور نفيسة، عن الأخلاقيات والآداب المسيحية، وهذه ميزة آباؤنا وأجدادنا وقدّيسينا في لبنان. للمسيحية معالم راسخة على الدهر، أديرة وكنائس مبنية على الصخر والتلال وقمم الجبال، شاهدة باستمرار على الثبات والبساطة والوقار في آن معاً، ولها آثار في المغاور والأودية السحيقة والقمم العصيّة تشهد على التمرّس ببطولة النسك ومثالية الزهد.          

2 – العبرة الثانية تعرّض المسيحية على مرّ التاريخ في الشرق، حتى في لبنان، للاضطهادات والمضايقات. لذلك تحصّنت في جبال لبنان المنيعة الوعرة. كانت المغاور ملاجئ حصينة لها، بل قلاع مقاومة بوجه المعتدين ومحميات طبيعية للحفاظ على الإيمان والدفاع عن قيم السيادة على الذات والحرّية والكرامة. دفعت للحفاظ على هذه المقدّسات أثماناً باهظةً وتضحيات جسيمة لم يكن أقلها التخلّي عن سهولة العيش والقبول بالحياة القشفة والقاسية.

من هذه المغاور، على سبيل المثال لا الحصر، دير مار مارون على العاصي، مغارة الراهب أو الحبيس في جبل الفرزل، مغاور الحبساء في الجبال المحيطة بالعاقورا، المغاور العديدة المنتشرة في الوادي المقدس، مغارة حوقا بطبقاتها الستة حيث كان يلجأ السكان إبّان الاضطهادات وقد عُثر فيها على مومياء من القرن الرابع عشر وعلى معالم حياة جماعية كاملة.

3 – العبرة الثالثة اتّخاذ الأرض اللبنانية التي يُبذل الغالي والنفيس للدفاع عنها والتي تحتضن رفاة أعداد غفيرة من الشهداء معاني أكثر من مادية وانتاجية واقتصادية. يتعلّق المسيحيون بأرضهم التي باتت تمثّل هويّتهم وجذورهم وتحمل تراثهم.

      I.        2.الدلالة الثالثة: اكتساب الأرض اللبنانية من الأديرة والكنائس والمغاور المسيحية ادوارًا متنوعة.

كانت الأديار ولا تزال محاور حياتية متعدّدة الوظائف تتحلّق حولها الجماعات المؤمنة، تغذّيها بالدعوات والشركاء وتتغدّى منها بالروحانية والمثالية ومقتضيات البشرى السارة والتوجيهات الانسانية العامة والخاصة. نتناول خمسة ادوار: الروحي والعمراني والاجتماعي والثقافي والسياسي.

1- الدور الروحي

في مقدّمة الوظائف التي تؤدّيها الأديرة والكنائس والمزارات أنها أماكن عبادة وصلاة، ومصادر إشعاع روحي، وقلاع عقيدة ومنطلقات رسالة. نذكر منها، بعد دير مارون على العاصي، دير مار يوحنا مارون في كفرحي، دير سيدة يانوح في جبّة المنيطرة، دير سيدة إيليج في ميفوق، دير سيدة قنوبين في الوادي المقدّس، دير مار شليطا مقبس في كسروان، دير سيدة مشموشة، دير مار أنطونيوس في النبطيه، وغيرها ولطوائف مسيحية اخرى. وإلى أديار وأديار يصعب تعدادها، كلها تجسّد الرسالة المسيحية وتعمل على تأوينها باستمرار.

2- الدور العمراني

الدير رائد نهضة وعمران. مبانيه بالذات خير تعبير عن النهضة العمرانية التي يحمل لواءها. قد يهدم الحقد والبغضاء بعض الأديرة والكنائس، لكن المؤمنين الناشطين يبادرون الى ترميمها او بناء غيرها. كذلك قد يتخطّى الزمن والتطوّر بعض الأديرة في يانوح وقنوبين وإيليج والوديان المقدسة، لكن هذا التخطّي يتزامن مع بناء أديرة جديدة. وليس هذا الزخم العمراني بالغريب على الكنيسة جمعاء. بعدما خرجت المسيجية من دياميس روما، أغنت حضارتها بإنشاءات عمرانية لا تزال ناطقة بأهمّية إنجازاتها. كذلك شأنها في لبنان؛ لئن لجأت إلى المغاور حرصاً على حرية أبنائها وكرامتهم الإنسانية، فهي ما برحت تشيّد على أرضها مباني أديرة وكنائس ومقامات ومزارات لا تزال تشهد على الجهود التي بذلتها الجماعة وأعضاؤها معبّرين من خلالها عن تجذّرهم وثباتهم المستمرفي تلك الأرض وتعميرها وتوظيف طاقاتهم في إنهاضها اجتماعياً وثقافياً وعمرانياً.       

3- الدور الاجتماعي  

اسهمت الاديار في تطوير المنطقة المحيطة بها وفي إنمائها. ليس اعتباطياً أن تكون الأرزاق قد أوقفت من المسيحي والدرزي والمسلم. يكمن سرّ هذه الثقة طبعاً في الإيمان، ولكن في قدرة الدير أيضاً على استثمارها أفضل استثمار. أشرك الدير المؤمنين بالعمل في مشاريعه الحرفية والمهنية والصناعية والزراعية، فدأبوا على وصف رهبانه ب"معلمي" في ممارسة أي حرفة أو مهنة. تشدد قوانين الرهبانيات على الصلاة والعمل معاً؛ فالعمل وسيلة أساسية لتقديس النفس، ويسهم في سدّ حاجات الآخرين ومساعدتهم على القيام بأدوارهم.

4- الدور الثقافي

الدير مصدر إشعاع علمي ومولّد حضارة. في مدرسة "تحت ألسنديانة"، تعلّم الكثير الكثير من المؤمنين. رهبانه حملة رسالة تعليمية. والكنيسة منشِئة مؤسسات تعليمية: مدارس ومعاهد وجامعات... والأديار والكنائس في التصوّر الحديث مقرّات تثقّف ديني وتنوير فكري وعلمي ومحاور استقطاب للشبيبة وإرشاد للطاقات على أنواعها.

5- الدور السياسي

لم تتعاط الكنيسة، ولاسيما الرهبانيات، السياسة بمعناها التقني. لكنها لم تتوانَ قط عن القيام بدور وطني حين كان يدعوها الواجب. وهو السهر على الخير العام وتسديد المسيرة الوطنية العامة وتصويبها وتحصينها من الانزلاق إلى الاصطفافات العمياء والارتهانات الخارجية. لا تزال أسماء بعض المقرّات الكنسية مرتبطةً بمحطّات تاريخية كان لها أهميتها في مسيرة الوطن العامة على غرار دير مار الياس وعامية إنطلياس، دير سيدة اللويزه وانعقاد المجمع اللبناني، ومعظم أديار كسروان وجبيل واستقبال المهجّرين... تميّزت الأديار على امتداد التاريخ اللبناني باحتضان المؤتمرات الوطنية والحركات التصحيحية وتوظيف أملاكها ومقدّراتها، حتى ما تملكه من أوانٍ كنسية خدمة للقضايا الاجتماعية، وتلبية لحاجات المعوزين والجياع...

الخاتمة

لا بدّ لنا من إقرار برامج غنية للسياحة الدينية في لبنان. من كان لديه تاريخ حيّ كهذا التاريخ، كبف لا يستخدمه لبناء الأجيال الطالعة وتثقيفها؟ للأديار والكنائس والمغاور الدينية المسيحية دلالات عديدة وعبر كما رأينا، يجدر بنا التعمّق في معانيها لتثقيف ذواتنا وأجيالنا الصاعدة ولإحياء الثقة والإيمان بالماضي وتاريخه، والأمل بالمستقبل وإمكان تحقيق الرسالة المميّزة في وطن يتميّز بوفرة منشآته الدينية التي تبرّر وجودها بفعاليتها وقيامها بأدوار روحانية وعمرانية واجتماعية وثقافية وسياسية تُعلي من شأن الإنسان وتؤهّله إلى التغنّي بجعل الأرض على صورة السماء.

Envoyé de mon iPad jtk

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.