1)
P عالمياً: كانت زيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى المكسيك وكوبا علامة مميّزة، وجرت بالطبع على مدار العام احتفالات كبيرة ومكثفة، ومن الأمور المميّزة أنّ اللغة العربية تم اعتمادها رسمياً في لقاءات البابا الأسبوعية وصار يُطلق عبر أحد مساعديه رسالة باللغة العربية، إلى جانب لغات رئيسية معتمدة في الفاتيكان. وكذلك تحيي الكنيسة الكاثوليكية في العالم مرور خمسين سنة على المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي قاد أكبر جهد اصلاحي وانفتاحي للكنيسة في العالم، الأمر الذي دعا البابا الى اعلان هذه السنة (من اكتوبر 2012 الى نوفمبر 2013) سنة الايمان، وما زالت ببدايتها، ولدينا المجال للابداع في إحيائها في كل مناطق العالم.
وقد تعرّضت هذه الدولة – الفاتيكان - الصغيرة جغرافياً والممتدة في أطراف الأرض روحياً إلى مواقف صعبة، من خلال نشر كتاب بعنوان "صاحب القداسة" تبعاً لتسريبات كان يقوم بها أحد خدم البابا ويدعى باولو جابرييلي، وجرت إجراءات قانونية وأودع في السجن. إلا أن البابا وقبيل الاحتفال بعيد الميلاد بادر إلى زيارته والحديث معه وعفا عنه وأخرجه من الحبس. صورة ذكرّتنا بجلوس البابا يوحنا بولس الثاني عام 1982 إلى جوار من حاول اغتياله وعفا عنه.
عالمياً كذلك تم اختيار جوزتين ويلبي لخلافة رئيس الأساقفة روان وليمز في رئاسة الكنيسة الأنجليكانية التي يتبعها أكثر من مليون شخص في العالم. وسوف يتسلم مهامه الرسمية في الحادي والعشرين من آذار المقبل.
عالمياً كذلك كان إطلاق مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا في السادس والعشرين من نوفمبر الماضي، حدثاً تاريخياً.
2) اقليمياً، جرت العديد من المؤتمرات والحوارات المتعلقة بأوضاع المسيحيين في الشرق، وذلك بسبب وضع المخاوف والتحليلات السلبية حول مستقبل الحضور المسيحي في ظل ما يُسمى بالربيع العربي وصعود الجماعات الدينية إلى الحكم. إلاّ أن أحداثاً جرت وقادها المسيحيون العرب ببراعة بالغة.
ففي السابع عشر من آذار، شارك العالم والكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأحزان برحيل البابا شنودة الثالث، بطريرك الكرازة المرقسية، وأثار رحيله المخاوف نظراً للتوقيت الدقيق في حياة مصر، إلاّ أن حكمة الأنبا باخوميوس قد قادت السفينة إلى بر الأمان، فكان يوم الرابع من تشرين ثاني حدثاً مميزاً في حياة الكنيسة وفي حياة الأنبا تواضروس الذي كان يُحتفل يومها بعيد ميلاده الستين فإذا به ينتخب في النهار ذاته البابا الثامن عشر بعد المئة كرأس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتم تنصيبه رسمياً بحضور وفود مدنية ودينية من مختلف أنحاء العالم صباح الأحد الثامن عشر من تشرين ثاني.
إقليمياً كذلك فُجع العالم صباح الخامس من كانون أول، برحيل البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، بطريرك أنطاكيا للروم الأرثوذكس، والمعروف عنه حكمته ورجاحة رأيه ودعوته للوحدة بين مختلف كنائس الشرق، وفي السابع عشر من الشهر ذاته، تم انتخاب البطريرك يوحنا اليازجي رأساً جديداً للكنيسة العربية الأرثوذكسية في سوريا ولبنان والعالم. وفي العراق جرى حدثان هامّان وهما أولاً إعادة تدشين كنيسة سيدة النجاة في بغداد في الرابع عشر من كانون أول، بعدما تعرضت قبل سنتين إلى واحد من أبشع الأعمال الإرهابية. وكذلك تم الإعلان عن استقالة البطريرك الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي، بطريرك الكلدان، والذي عمل على تهدئة النفوس والضمائر، في أصعب أوقات العراق الحديث.
إقليمياً كذلك كان الحدث الأبرز زيارة البابا بندكتس إلى لبنان، والتي سبقتها تحليلات وسؤالات ومحاذير وتكهنات بإلغاء الزيارة، إلاّ أنهّا جرت وبسلاسة تامة، وعبّر اللبنانيون كلهم، ومعهم كل الوفود العربية والعالمية، عن حفاوة الاستقبال ودقة التنظيم، وكان الحدث المركزي في الزيارة توقيع البابا لوثيقة الإرشاد الرسولي الخاص بالمسيحيين في الشرق الأوسط، بعنوان: "شركة وشهادة" وبين فيه "أن الشرق الأوسط بدون، أو بعدد قليل من المسيحيين ليس شرقاً أوسطياً". ولقد حظي الإرشاد الرسولي باهتمام عالمي، نظراً لحساسية اللحظة التي يعيشها الشرق الأوسط، وتفاقم معضلة الهجرة التي تؤثر على جميع سكانه، وبالأخص المسيحيون منهم. وبعد الزيارة التي دامت ثلاثة أيام، عيّن البابا بندكتس، بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي كاردينالاً في الكنيسة الكاثوليكية، بهدف تدعيم المسيحيين.
إقليمياً كذلك، شاركت المراكز الإعلامية في المؤتمر الأول الذي عقد في بيروت برعاية المجلس الحبري لوسائل الإعلام، وكان الهدف منه تنسيق الجهود الإعلامية لدى الكنائس في الشرق الأوسط من أجل توحيد الصوت وتعزيز الحضور الفاعل والمؤثر على الساحات العربية.
3) وفي الشأن المحلي جرت العديد من المبادرات والأحداث ونذكر منها إحياء رحلة الحج السنوية إلى موقع المعمودية - المغطس، بمشاركة جموع غفيرة، وإحياء أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين بصلاة جمعت مختلف الكنائس في كنيسة يوحنا دي لا سال في جبل الحسين. وكذلك إحياء أسبوع الوئام بين الأديان في مختلف المناطق وعبر المؤسسات الروحية والحوارية. وهو الأسبوع الأول من شباط في كل عام.
وفي شباط عينه عيّن البابا بندكتس السادس عشر المطران مارون لحّام نائباً بطريركياً جديداً للاتين في الأردن، خلفاً للمطران سليم الصايغ الذي تقاعد لبلوغه السن القانوني بعدما خدم الكنيسة في الأردن لمدة ثلاثين سنة متواصلة وأسس العديد من المراكز التي تعنى بالشؤون الروحية والثقافية والإنسانية.
وفي الخامس والعشرين من نيسان، جرى الحدث الأبرز كنسياً على الساحة الأردنية، وهو الإطلاق الرسمي للمركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بهدف تعزيز الحضور المسيحي وسبل العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين وكذلك تشجيع السياحة الدينية وتغطية للأخبار الكنسية، وحضر الاحتفال بطريرك القدس فؤاد الطوال ووزير الإعلام راكان المجالي، وعدد من الرسميين المدنيين والكنسيين. وتزامن هذا الإطلاق مع إطلاق مكتب فضائية نورسات في الأردن، وهي الفضائية التي تبث من بيروت، وتعنى بشؤون المسيحيين العرب ودورهم التاريخي، وعلاقات الشراكة والتعاون مع أخوتهم المسلمين. وكذلك تم إطلاق موقع أبونا الالكتروني بحلته الجديدة، وشعاره إعلام من أجل الإنسان. وفي ذات السياق تم افتتاح مكتب مجلس كنائس الشرق الأوسط برعاية الأمير غازي بن محمد.
وقد شارك المركز الكاثوليكي بالعديد من المؤتمرات المحلية والعالمية، مسلطاً الضوء على مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات لدى كافة مكوّنات الشعب الأردني الواحد، وجرى تعاون وثيق بين المركز والمراكز المعنية بالحوار وبالأخص المعهد الملكي للدراسات الدينية. وممّا تم تنظيمه التقديم الرسمي للإرشاد الرسولي في مركز الحسين الثقافي بحضور السفير البابوي المطران جورجيو لينجوا ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبد السلام العبادي، وعدد كبير من الأساقفة ورجال الدين الإسلامي والمسيحي وجمع كبير من المدعوين.
محلياً كذلك، أكملت الجامعة الأمريكية انطلاقتها للسنة الثانية على التوالي، وهي تابعة للبطريركية اللاتينية، وتسير بتوجيهات وزارة التعليم العالي. وكذلك احتفلت الشبيبة المسيحية في الأردن باليوبيل الفضي بتأسيس الأمانة العامة لها مصممة على توجيه النصح والإرشاد للشباب الأردني المسيحي نحو مزيد من العطاء داخل المجتمع والوطن وللكنيسة. وكذلك تم تدشين كنيسة جديدة للبطريركية اللاتينية في العقبة وتحمل اسم "نجمة البحر". ومن الجدير بالذكر رسامة أول فوج من الشمامسة الدائمين في الأردن، الأمر الذي شجع على مزيد من التعاون بين الإكليروس والعلمانيين.
ومحلياً كذلك قامت مؤسسات خيرية عدة بتقديم يد العون والمساواة للإخوة اللاجئين من سوريا، ونذكر هنا بالأخص جهود مؤسسة الكاريتاس الأردنية التي تقدم خدماتها للجميع بدون تمييز.
محلياً كذلك، تم تكليل الجهود والمبادرات المحلية، ومع قرب انتهاء هذا العام، بالزيارة الملكية لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين إلى مدينة الحصن للتهنئة بعيد الميلاد، زيارة حملت دلالات كبيرة، حيث عمّقت الشعور بالمواطنة والمساواة، وهما أساسان لا يستغنى عنهما في رحلة بناء المجتمعات الحديثة تعزيزاً للديمقراطية واحترام كرامة الإنسان.
هنيئاً لنا هذا المثل، انه درس وعبرة، ليس للداخل الأردني بل لكل دول الجوار والعالم.
عن أبونا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.